كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

البخاري في المغازي أيضاً، والترمذي في " التفسير "، وقال: حسن صحيح (¬1).
كذا قال المزي في " الأطراف " (¬2).
قلت: هو اللفظ للبخاري، ورواه ابن عبد البر من طريق معمر عن قتادة بزياداتٍ، وقد روى الواحديُّ (¬3) في سورة الفتح عن عطاء، عن ابن عباس أن اليهود لما نزلت: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُم} [الأحقاف: 9]، سبُّوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، قالوا: كيف نتبع رجلاً لا يدري ما يُفْعَلُ به؟ واشتد ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر} [الفتح: 1 - 2]، فهذا من آخر ما نزل فإن هذا كان في الحُديبية، وهي سنة ستٍّ من الهجرة في ذي القعدة، وعزاه ابن الأثير في " الجامع " (¬4) إلى البخاري ومسلم في تفسير سورة الفتح.
ومن ذلك ما رواه الحافظ أبو يعلى الحنفيُّ في " مسنده " (¬5) عن ابن عُمَرَ بن الخطاب أنه قال: كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتَّى سمعنا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} [النساء: 48 و116]، قال: -يعني- النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنِّي ادَّخَرْتُ دعوتي شفاعةً (¬6) لأهل الكبائر من أمتي ". فأمسكنا عن كثيرٍ مما كان في أنفسنا، ثم نطقنا بعد ورجونا. قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (¬7) في التفسير: رواه أبو يعلى برجال الصحيح.
¬__________
(¬1) البخاري (4172)، ومسلم (1786)، والترمذي (3263).
(¬2) 1/ 346.
(¬3) في " أسباب النزول " ص 255.
(¬4) 2/ 355 - 357. وانظر الصفحة السالفة ت (4).
(¬5) برقم (5813).
وأخرجه ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " 1/ 533 بنحوه.
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 2/ 557، وزاد نسبته إلى ابن الضريس وابن المنذر وابن عدي، وصحح إسناده.
(¬6) في (ف): " ادخرت شفاعتي ".
(¬7) 7/ 5.

الصفحة 394