كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)
وفيها أيضاً حديث الذي أوجب النار (¬1)، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يعتقوا عنه رقبةً يعتق الله بكل عضوٍ منها عضواً منه من النار، رواه أبو داود، والنسائي من طريق إبراهيم، عن الغريف بن عيَّاشٍ، عن واثلة، ورواه الإمام أحمد (¬2) والذي وَرَّخه بتبوك ابن عبد البر، وهو متأخِّرٌ عن الوعيد لقوله: " أوجب النار ".
وحديث ابن مسعود: لمَّا أُسرِيَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهي به إلى سدْرَةِ المنتهى، وهي في السماء السادسة، وإليها ينتهي ما يُعْرَجُ به من الأرض، فيُقبَضُ منها، وإليها ينتهي ما يُهبط به (¬3) من فوقها، فيُقبض منها، فأعطي ثلاثاً: الصلوات الخمس، وخواتيم سورة البقرة، وغُفِرَ لمن لا يُشرِكُ بالله من أمته شيئاً المُقْحِمَاتُ. رواه مسلم والنسائي والترمذي، وفي لفظِ الترمذي: " فأعطاه الله ثلاثاً لم يعطِهِنَّ نبيَّاً قبله، وقال في الثالثة: وغَفَرَ لأُمَّته المُقْحِمَاتِ ما لم يشركوا بالله شيئاً " (¬4).
قال ابن الأثير في " جامع الأصول " (¬5): هي الذنوب التي تُقْحِمْ صاحبها في النار، أي: تُلقيه فيها، وهذا يردُّ على من زعم أن أحاديث الرجاء قبل أن تُفرض الفرائض، كما تقدم عن الزُّهري والطبري.
ومن ذلك قوله تعالى في " آل عمران "، وهي مدنيةٌ: {وكنتم على شَفَا حُفرةٍ من النار فأنقذكم منها} [آل عمران: 103]، وهذا خبرٌ جازمٌ بأنه قد أنقذهم من النار، وهو خطابٌ عامٌّ لأهل الإسلام، كما لو أمرهم ونهاهم توجَّه إليهم
¬__________
(¬1) في (ش): " أوجب النار بالقتل ".
(¬2) أخرجه أحمد 3/ 490 - 491، و4/ 107، وأبو داود (3964)، والنسائي في العتق من " الكبرى " كما في " التحفة " 9/ 79، وصححه ابن حبان (4307)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(¬3) " به " ساقطة من (ف).
(¬4) أخرجه مسلم (173)، والترمذي (3276)، والنسائي 1/ 223 - 224.
(¬5) 11/ 309.