كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

والحجاج بن يوسف، وأنهم يُصَوِّبُون فعلهما في قتل الحسين بن علي عليه السلام وأهل بيته وأصحابه من خيار المسلمين، وهل هذا إلاَّ قطعٌ من غير تقدير وهجومٌ على الرجم بالذنب الكبير، لأن هذه جهالةٌ مجاوزة للحد، مع اعتقاد غاية المعرفة التامة، فنسأل الله العافية من مثل هذه البلية.
وما أحسن كلام شيخ الإسلام العلامة المحدث المتكلم أحمد بن تيمية
الحراني الحنبلي حيث قال في " فتاويه " (¬1): وكذلك عمر بن الخطاب لما وضع ديوان العطاء، قال للمسلمين: بمن أبدأ؟ قالوا: ابدأ بنفسك (¬2). قال: كلا، ولكن أبدأ بأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقدَّمهم وجمعهم، بني هاشمٍ وبني المطلب، فقدم العباس، لأنه كان أقرب الخلق (¬3) نسباً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك استسقى به لقرابته (¬4)، وإن كان غيره أفضل منه، فإن علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه أفضل منه، فقدمه إكراماً للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن من محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - محبة أهل بيته، وموالاتهم، كما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إني تارك فيكم الثَّقلين. أحدهما أعظم من الآخر؛ فذكر كتاب الله -وحرَّض عليه- ثم قال: وعِترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أُذكركم الله في أهل بيتي ". فقيل لزيد بن أرقم وهو راوي الحديث من أهل بيته؟ قال: الذين حُرِمُوا الصدقة، آل علي، وآل عقيل، وآل العباس (¬5).
¬__________
(¬1) 28/ 491 وما بعدها.
(¬2) في (ش): " بنصيبك ".
(¬3) في (ش): " الناس ".
(¬4) روى البخاري (1010) و (3710)، وابن خزيمة (1421)، وابن حبان (2861)، والبغوي (1165) من حديث أنس، قال: كانوا إذا قحطوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، استسقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيستسقي لهم فيسقون، فلما كان بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في إمارة عمر قحطوا، فخرج عمر بالعباس يستسقي به، فقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك - صلى الله عليه وسلم - واستسقينا به فسقيتنا، وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبيك - صلى الله عليه وسلم -، فاسقنا، فسقوا. لفظ ابن حبان.
(¬5) حديث صحيح، وقد تقدم 1/ 178.

الصفحة 42