كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

كما ذُكِرَ في موضعه من هذا الكتاب، ومنه " أحاديث " الحُمَّى حظُّ كلِّ مؤمن من النار كما قدمته الآن وأمثاله. ويشهد للجميع " لا تمسُّه النار إلاَّ تَحِلَّة القسم " كما تقدم الآن.
وأما على أن الموت يحصُل بسبب رؤيتها (¬1) ومُقاربتها فجأة، كما تقع الغشية من أقل من ذلك، ثم يكون مسُّها والوقوع فيها والاحتراق من غير شعورٍ بألمها، ويدلُّ عليه حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يجتمعان في النار اجتماعاً يضُرُّ أحدهما الآخر، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: مؤمنٌ قتل كافراً ثم سَدَّدَ ". رواه مسلم وأبو داود والنسائي واللفظ لمسلم (¬2).
فقوله: " اجتماعاً يضرُّ " واضحٌ في هذا المعنى، والله أعلم.
ذكره ابن الأثير في النوع الخامس من فضائل الجهاد والمجاهدين (¬3) رواه مسلم في الجهاد من حديث أبي إسحاق الفَزَارِيِّ، عن سُهيلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة. وهو في " جامع المسانيد " الحديث الرابع والثلاثون بعد الستمئة.
ويعتضدُ بحديث: " الحُمَّى حظُّ كلِّ مؤمنٍ من النار "، كما احتجَّ به مجاهدٌ على ما تقدَّم من تشبيهه بقوله تعالى: {إلا المَوْتَةَ الأولى} [الدخان: 56] من بعض الوجوه، وذلك في الحقيقة إجارَةٌ مِنْ عذابها ومسِّها، فإنَّما الإنسانُ بروحه، ويكون المعنى (¬4): حُرِّمَتْ عليهم وهم أحياءٌ يتألَّمون بها، وحرم عليهم مسُّها كذلك.
¬__________
(¬1) في (ف): " تحصل برؤيتها ".
(¬2) أخرجه مسلم (1891)، وأبو داود (2495)، والنسائي 6/ 12 - 13.
(¬3) " جامع الأصول " 9/ 487.
(¬4) في (ف): " والمعنى ".

الصفحة 425