كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

بإسنادٍ رجاله ثقاتٌ، وأنه بقي ذلك مدة كثيرة (¬1) إلى وقت كلام (¬2) محمد بن سيرين المتكلم بهذا، وهو من التابعين وعلمائهم وثقاتهم، ثم تناقص عن تلك الكثرة، كما تناقصُ الآيات المختصة بمقتله عليه السلام.
وقد اشتهرت قصة الحمرة بعد قتله عليه أفضل السلام حتَّى ذكرها المعرِّيُّ في شعره على بُعده من الأفراد المشهورات من الشرائع، فقال:
وعلى الدَّهرِ مِنْ دماء الشهيديـ ... ـنِ عليٍّ ونجله شاهدانِ
فهما في أواخر الليلِ فجرانِ ... وفي أُولياتهِ شَفَقَانِ (¬3)
فكيف وقد اعتقدت هذه الشهرةُ بإسناد على شرط مسلم من طريق المحدثين!
قال الهيثمي: وعن سفيان، قال: حدثتني جدتي أُمُّ أبي، قالت: شهدَ رجلان من الجعفيين اللذين تولّيا (¬4) قتل الحسين، فأما أحدهما، فطال ذكره حتى كان يلُفُّه، وأما الآخرُ، فكان يستقبل الراوية بفيه، حتى يأتي على آخرها، قال سفيان: رأيت ولد أحدهما كأن به خبلاً، أو كأنه مجنون. رواه الطبراني
¬__________
(¬1) في (د): " كثيراً ".
(¬2) " كلام " ساقطة من (ش).
(¬3) البيتان في " سقط الزند " ص 96 من قصيدة مطلعها:
علِّلاني فإنَّ بيض الأماني ... فَنِيَتْ والظلام ليس بفانِ
وقد أجاب فيها الشريف أبا إبراهيم موسى بن إسحاق عن قصيدة أولها:
غير مُسْتَحْسَنٍ وِصَالُ الغواني ... بعدَ ستين حِجَّة وثمان
قال البطليوسي في شرح هذين البيتين: إنما قال هذا، لأنه يمدح علوياً، وفرقة من الشيعة تزعم أن الحمرة التي ترى في الآفاق في أوَّل الليل وآخره لم تكن إلاَّ مذ قُتِلَ علي وابنه رضي الله عنهما، ومنهم من يرى أن ادعاء مثل هذا محال، لأن تلك الحمرة لم تزل موجودة قبل قتلهما.
(¬4) عبارة " اللذين توليا " لم ترد عند الطبراني والهيثمي.

الصفحة 57