كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

123] (¬1). قال ابن عبد البر: رُوي عن أبي بكرٍ من وجوهٍ شتى أنه في حق المسلمين مصائب الدنيا.
ومنها في تفسير: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة: 8] (¬2).
ومنها: في فضل المصائب والآلام أحاديثٌ كثيرةٌ شهيرةٌ متفقٌ على صحة كثير منها بهذا المعنى، لكنه يخرج منه (¬3) من أظهر الشهادتين لمصلحة دنياه (¬4)، وليس من الإسلام في شيء، لما ورد في الصحاح كلها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طرقٍ صحيحة متعددة متكاثرة أو متواترة أنه يُختلجُ دونه إلى النار يوم القيامة قومٌ من أصحابه يعرفهم، ويقول: "أصحابي! فيقال له: إنك لا
¬__________
(¬1) أخرج أحمد 1/ 11، والطبري في " جامع البيان " (10521) - (10529)، والمروزي في " مسند أبي بكر " (111) و (112)، وأبو يعلى (98) - (101)، والبيهقي 3/ 373 من طرق عن أبي بكر قال: يا رسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} وكل شيء عملنا جُزينا به؟ فقال: " غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ " قال: قلت: بلى، قال: " هو ما تجزون به ". وصححه ابن حبان (2910)، والحاكم 3/ 74 - 75، ووافقه الذهبي.
(¬2) أخرج ابن جرير في " جامع البيان " 30/ 268، وابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " 4/ 578، من حديث أنس، قال: كان أبو بكر رضي الله عنه يأكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت هذه الآية: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} فرفع أبو بكر يده من الطعام، وقال: يا رسول الله، إني أجزى بما عملت من مثقال ذرة من شر، فقال: " يا أبا بكر، ما رأيت في الدنيا مما تكره فمثاقيل ذر الشر، ويدخر لك الله مثاقيل الخير حتَّى توفاه يوم القيامة ".
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 8/ 593، وزاد نسبته لابن المنذر والطبراني في " الأوسط " والحاكم في " تاريخه " وابن مردويه والبيهقي في " شعب الإيمان " وانظر " تفسير ابن كثير " 4/ 577 - 578.
(¬3) في (ش): " عنه ".
(¬4) في (ش): " دنيا ".

الصفحة 66