كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

فقال فيه: " خالدٌ سيفٌ سلَّه الله على المشركين " (¬1)، فالتَّبرُّؤ من ذنبٍ سيُغفر، لا يلزم منه البراءة من الشخص. انتهى كلامه.
وإنما أوردته ليُعرف مذهبهم وإجماعهم على كراهة فعل المذنب والتَّبرُّؤ منه، وإن لم يتبرَّؤوا من فاعله، محتجِّين بقوله تعالى: {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَه} [الممتحنة: 4]، وبقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] والعدو هنا: الكفار دون عصاة المؤمنين إجماعاً، وفي البُغاة: {إنما المؤمنون إخوة} [الحجرات: 10] الآية، مع قوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} [محمد: 19].
ففي الآيات (¬2) صح الجمع بين الذنوب والإيمان والأمر بالبراءة من (¬3) ذنب المؤمن، وبالاستغفار له، وشواهده كثيرة، ومن أوضحها قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 9 - 10].
وفي الحديث بيانٌ كثيرٌ (¬4) لهذا، وكفى بأحاديث الشفاعة، وهي متواترة عند أهل العلم بالآثار، والحمد لله.
ولا شك أن الرضا بفعل المذنب بمنزلة ارتكاب الذنب.
قال الإمام المهدي محمد بن المُطَهّر: الموالاة المجمع على تحريمها:
¬__________
(¬1) أخرجه من حديث عبد الله بن أبي أوفى عبد الله بن أحمد في " فضائل الصحابة " (13)، والبزار (2592) و (2719)، والطبراني في " الكبير " (3801)، و" الصغير " (580)، وصححه ابن حبان (7091)، والحاكم 3/ 298.
(¬2) " ففي الآيات ": ساقطة من (ش).
(¬3) في (ش): " عن ".
(¬4) في (ش): " لكثير ".

الصفحة 70