كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

الغزالي، كما هو معروف في التاريخ المذكور.
وقد رأيت أن أورد الكلام المنسوب إلى الغزالي، وأنقُضَه على الإنصاف وهل صح عنه أو لم يصح، على أني أنزه الغزالي عن صحة ذلك الكلام لما فيه من الشبه الركيكة، ولما يؤدي إليه من الإلزامات الشنيعة، ولما صح عنه مما يناقضه كما سيأتي، وأنا أُبين من ذلك ما يظهر مع ذلك صحة ما ذكرته.
فأقول: قال صاحب الكلام -وقد سئل عن لعن يزيد- ما لفظه: لا يجوز لعن المسلم أصلاً، ومن لعن مسلماً، فهو الملعون، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " المسلم ليس بلعَّان " (¬1)، وكيف يجوز لعن المسلم، ولا يجوز لعن البهائم، وقد ورد النهي عن ذلك (¬2)، وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنصِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3)، ويزيد صح إسلامه، وما صح قتله الحسين عليه السلام، ولا أمره ولا
¬__________
(¬1) رواه من حديث ابن مسعود بلفظ: " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذيء ولا الفاحش " أحمد 1/ 416، والبخاري في " الأدب المفرد " (312)، وابن أبي شيبة 11/ 18، والترمذي (1977) وحسنه، وصححه ابن حبان (192)، والحاكم 1/ 12، ووافقه الذهبي، وانظر مزيد تخريجه عند ابن حبان بتحقيقنا.
(¬2) أخرج أحمد 4/ 429 و431، والدارمي 2/ 286، ومسلم (2595)، وأبو داود (2561)، وابن حبان (5740) و (5741) من حديث عمران بن حصين، قال: بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر وامرأة على ناقة لها، فضجرت، فلعنتها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " خذوا متاعكم وارحلوا عنها وأرسلوها، فإنها ملعونة ". قال: ففعلوا، فكأني أنظر إليها ناقة ورقاء. وله شاهد من حديث جابر مخرج عند ابن حبان (5742)، وشاهد آخر من حديث أبي برزة مخرج أيضاً عند ابن حبان (5743).
(¬3) أخرج ابن ماجه (3932) من حديث ابن عمر، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالكعبة، ويقول: " ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمتك ماله ودمه، وأن نظن به إلاَّ خيراً ". وقال البوصيري في " زوائد ابن ماجه " 245/ 1: هذا الإسناد فيه مقال. شيخ ابن ماجه ضعفه أبو حاتم وذكره ابن حبان في " الثقات "، وباقي رجال الإسناد ثقات. =

الصفحة 79