كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

وهو مؤمن" (¬1)، وفي بعضها: " والمؤمن من أمِنَه الناس على دمائهم وأموالهم " (¬2) وكلها صحيحة.
وكذلك الآيات القرآنية اختلف المفهوم منها في ذلك، ففي بعضها ما
يدل على أن المسلم مؤمنٌ، مثل قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: 19]، وفي بعضها ما يدل على أن المؤمن غير المسلم (¬3)، مثل قوله تعالى: {قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} [الحجرات: 14]، ومثل ما رواه الترمذي وضعَّف سنده من قوله - صلى الله عليه وسلم -: " أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص " (¬4).
وقد جمع أهل السنة من الآيات والأحاديث بأن الإيمان والإسلام يزيدان وينقصان، وأن اختلاف الآيات ورد على حسب ذلك، فحيث قال الله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} أراد الإسلام الكامل، حيث قال: {قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} أراد أقل الإسلام، وهو ما يحقن الدماء من إظهار الإسلام وإقامة أركانه التي يُقاتل على تركها، وكذلك سائر الأحاديث على ما هو مبسوطٌ في شروح الحديث. قال ابن بطال في شرح البخاري ما لفظه: وكذلك لو أقر بالله ورسوله، ولم يعمل الفرائض، لا يُسمى مؤمناً بالإطلاق،
¬__________
(¬1) أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد 2/ 317 و376، والبخاري (2475) و (5578) و (6772) و (6810)، ومسلم (57)، وأبو داود (4689)، والترمذي (2625)، وابن ماجه (3936). وانظر " صحيح ابن حبان " (186).
(¬2) حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه 2/ 439.
(¬3) في (ف): " المسلم غير المؤمن ".
(¬4) أخرجه الترمذي (3844) عن قتيبة بن سعيد، عن ابن لهيعة، عن مشرح بن عاهان، عن عقبة بن عامر، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من حديث ابن لهيعة، عن مشرح بن عاهان، وليس إسناده بالقوي.
قلت: رواه أحمد 4/ 155 عن عبد الله بن يزيد المقرىء، عن ابن لهيعة. وهذا إسناد حسن، عبد الله بن يزيد أحد العبادلة الذين رووا عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه.

الصفحة 86