كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 8)

الوجه الرابع: أن اللِّعان بين الزوجين المسلمين جائزٌ بنص القرآن، وإجماع المسلمين، وهو معلومٌ من الدين ضرورة، بحيث يكفر جاحده، وهو مشتمل على لعن كل واحد منهما لنفسه إن كان من الكاذبين، فلو كان لعنُ المسلم الفاسق حراماً، لم يحل للمسلم الفاسق أن يلعن نفسه، لأن حق نفسه أعظم من حق أخيه المسلم عليه أو مثله (¬1).
الوجه الخامس: حديث: " شر أئمتكم الذين يلعنونكم وتلعنونهم " خرجه مسلمٌ عن أبي هريرة (¬2) والترمذي عن عمر (¬3)، فأخبرهم أنهم يلعنون أئمتهم، فساقها لهم بذلك ولم يبيِّن تحريمه، فدلَّ على الجواز، بخلاف خبره - صلى الله عليه وسلم - في نحو قطع يد السارق في بيضةٍ، فإنه خبرٌ على القطع وهو غائب، فلا يدلُّ على الجواز.
الوجه السادس: حديث عائشة الصحيح (¬4)، وفيه أنها قالت لليهود: عليكم السام واللعنة، وإنما نهاها عن الفحش لما بدأتهم بالمشافهة بذلك من غير إظهارهم لذلك دليله ما في الصحيح عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في رجل: " بئس أخو العشيرة "، فلما دخل عليه ألان له القول، فقالت له عائشة في ذلك، فقال: " إن شر الناس من أكرمه (¬5) الناس اتِّقاء فُحْشِهِ " (¬6). فسمى المواجهة بذلك فحشاً.
¬__________
(¬1) في (د): " ومثله ".
(¬2) كذا في الأصول: " عن أبي هريرة "، وهو خطأ، إنما هو من حديث عوف بن مالك الأشجعي، وهو عند مسلم (1855). وأخرجه أيضاً أحمد 6/ 24 و28، والدارمي 2/ 324، وابن حبان (4589).
(¬3) برقم (2264)، وفيه محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف. قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلاَّ من حديث محمد بن أبي حميد، ومحمد يضعف من قبل حفظه.
(¬4) حديث صحيح وقد تقدم تخريجه 1/ 261.
(¬5) في (د) و (ف): " كرهه "، وهو خطأ.
(¬6) أخرجه أحمد 6/ 38 و158 - 159، والبخاري (6032) و (6054) و (6131)، ومسلم (2591)، وأبو داود (4791)، والترمذي (1996)، وابن حبان (4538) و (5696).

الصفحة 93