كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)

وحديث: "الحلال بيّن والحرام بيّن " 1 ... إلخ.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه: " إياكم ومحدثات الأمور! فإن كل بدعة ضلالة " 2، وهذا من جوامع الكلم التي أعطيها نبينا صلى الله عليه وسلم. فمن ابتدع شيئاً استحسنه، وقال: هذه بدعة حسنة، فهو مشاق قوله صلى الله عليه وسلم: " كل بدعة ضلالة " 3، وما يطلق عليه اسم البدعة مما فعله الصحابة، والأئمة والتابعون، فهو بدعة لغوية، كقول عمر: "نعمت البدعة هذه"، يعني التراويح، وكزيادة عثمان والصحابة، الأذان الأول يوم الجمعة، فهو لا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: " كل بدعة ضلالة " 4، لأن له أصلاً في الشرع. وأيضاً، فهو مما سنه الخلفاء الراشدون، ولهم سنة يجب اتباعها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " 5.
ومن ابتدع شيئاً استحسنه، وقال: هذه بدعة حسنة، فمقتضى دعواه أنه يقول: ليس كل بدعة ضلالة، فهذا مشاق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومراغم له؛ وإنما الذي ينبغي أن يقال: إنما ثبت حسنه من الأعمال التي قد قيل إنها بدعة، إن هذا العمل المعين مثلاً، ليس ببدعة، فلا يندرج في الحديث.
قال ابن رجب: وما وقع في علماء السلف، من استحسان بعض البدع، إنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، وذكر من ذلك: جمع عمر على التراويح، وأذان
__________
1 البخاري: الإيمان (52) , ومسلم: المساقاة (1599) , والترمذي: البيوع (1205) , والنسائي: البيوع (4453) والأشربة (5710) , وأبو داود: البيوع (3329) , وابن ماجة: الفتن (3984) , وأحمد (4/269, 4/270) , والدارمي: البيوع (2531) .
2 الترمذي: العلم (2676) , وأبو داود: السنة (4607) , وابن ماجة: المقدمة (42) , والدارمي: المقدمة (95) .
3 مسلم: الجمعة (867) , والنسائي: صلاة العيدين (1578) , وابن ماجة: المقدمة (45) , وأحمد (3/310) , والدارمي: المقدمة (206) .
4 مسلم: الجمعة (867) , والنسائي: صلاة العيدين (1578) , وابن ماجة: المقدمة (45) , وأحمد (3/310) , والدارمي: المقدمة (206) .
5 الترمذي: العلم (2676) , وابن ماجة: المقدمة (42, 44) , وأحمد (4/126) , والدارمي: المقدمة (95) .

الصفحة 103