كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)
والضرب، ونحو ذلك، مفسدة، تمنعها الشريعة ولا تقرها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح; فهذا يوجب للشيخ وأمثاله مراعاة المصلحة الشرعية في الفتوى الجزئية، لا سيما في مخاطبة العامة.
وقول الشيخ: لكونه عرض نفسه للفتنة بمخالطة المشركين، صريح في أن الكلام فيمن لم يفتتن، ولم يستخف بدينه. وقد عرفتم حال أكثر الناس في هذا الوقت، أقل الفتنة أن يستخفي بدينه، وجمهورهم يظهر الموافقة بلسان الحال أو لسان المقال، فهذا الضرب ليس داخلاً في كلام الشيخ رحمه الله.
وقوله: ينبغي هجره وكراهته، فيه بيان ما يستطيعه كل أحد، وأما ولاة الأمور، ومن له سلطان أو قدرة، فعليهم تغيير المنكر باليد، ومن لم يستطع فباللسان، ومن لم يستطع فبالقلب؛ وهذا نص الحديث النبوي، فلا يجوز العدول عنه، وإساءة الظن بأهل العلم; بل يحمل كلامهم على ما وافقه. والمصر المكابر لا ينتهي، إلا إذا غير فعله بالأدب، أو الحبس، وهو داخل في عموم الحديث. وقد شاهدنا من الوالد، رحمه الله، تعنيف هذا الجنس، وذمهم، وذكر حكم الله ورسوله في تحريم مخالطة المشركين، مع عدم التمكن من إظهار الدين.