كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)
الأرض، قالوا: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [سورة النساء آية: 97] . وساق، رحمه الله، ما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب: أما بعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جامع المشرك وسكن معه، فإنه مثله " 1.
فانظر حكاية الإجماع على تحريم ذلك، وانظر تقريره معنى الآية، وتعليقه ما فيها من الأحكام، والوعيد على مجرد الإقامة بين أظهر المشركين، وأن هذه الآية نص في ذلك. وانظر خطاب الملائكة لهذا الصنف، وأنه على المكث والإقامة بدار الكفر. وانظر ما أجابتهم الملائكة عن قولهم: لا نقدر على الخروج. كل ذلك ليس فيه ذكر للقتال؛ فتأمل هذا، يطلعك على بطلان هذه الشبهة، وجهل مبديها.
وتأمل حديث سمرة، وما فيه من تعليق هذا الحكم، بنفس المجامعة والسكنى، واعرف معنى كونه مثله; وكذلك لما روى ابن جرير عن عكرمة، قال: كان أناس من أهل مكة أسلموا، فمن مات منهم بها هلك، قال الله تعالى: {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} [سورة النساء آية: 97-98] ، وروى ابن جرير من تفسير ابن أبي حاتم، فزاد فيه: فكتب المسلمون إليهم بذلك، وخرجوا ويئسوا من كل خير، ثم نزلت فيهم {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ
__________
1 أبو داود: الجهاد (2787) .