كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)
هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا} [سورة النحل آية: 110] .
فكتبوا إليهم بذلك: أن جعل الله لكم مخرجاً، فخرجوا، فآذاهم المشركون فقتلوهم، حتى نجا من نجا وقتل من قتل.
وروي عن ابن عباس في الآية: "هم قوم تخلفوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوا أن يخرجوا معه. فمن مات منهم قبل أن يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ضربت الملائكة وجهه ودبره". وأظن هذا الجاهل رأى ما روي عن عكرمة، عن ابن عباس: "أن قوماً من أهل مكة أسلموا، فاستخفوا بالإسلام. وأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، وأصيب بعضهم، وقتل بعض، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، وأكرهوا، فاستغفروا لهم، فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} الآية [سورة النساء آية: 97] "، فهذا القول ونحوه، مما فيه ذكر من أخرج مع المشركين يوم بدر، ولا يدل على أن الآية خاصة بهم، بل يدل على أنها متناولة للعموم اللفظي، والعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب. وكذلك من قال من السفهاء: إن هذه الآية نزلت في أناس من المنافقين، تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجوا مع المشركين، فمرادهم: أن هذه الآية تناولهم بعمومها، ولم يريدوا: أن هذا النفاق، والقتال مع المشركين، هو الذي أنيط به هذا الحكم، وترتب عليه