كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)
أهلية. ثم لما جاءت هذه الفتنة، صار يتزين عند المسلمين بحمد الله، على عدم حضوره بتلك البلد. ثم جمز ولحق بأهلها، ونقض غزله وكذب نفسه. ثم ظهر لهم في مظهر الصديق الودود، وبالغ في الكرامة والوليمة، والتحف والهدايا، والمجالسة، والتردد، شغفاً بالجاه والرياسة، ولو في زمرة من حاد الله ورسوله.
وأما ما نقل عنه، من التحريض على أهل الإسلام، فهو إن صح أقبح من هذا كله وأشنع؛ وحسابه على الله الذي تنكشف عنده السرائر، وتظهر مخبآت الصدور والضمائر. وروى السدي قال: " لما أسر العباس وعقيل ونوفل، قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: افدِ نفسك وابني أخيك، قال: يا رسول الله، ألم نصل قبلتك، ونشهد شهادتك؟ قال: يا عباس، إنكم خاصمتم فخصمتم، ثم تلا عليه هذه الآية {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [سورة النساء آية: 97] ". فتأمل هذه القصة، وما فيها من التصريح بأن الخصومة في الهجرة، وأن من ادعى الإسلام والتوحيد، وهو مقيم بين ظهراني أهل الشرك بالله، والكفر بآياته، فهو مخصوم محجوج؛ وهذا يعرفه طلبة العلم والممارسون.
وتأمل قوله تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [سورة الأنعام آية: 121] ، كيف حكم على من أطاع أولياء الشيطان، في تحليل ما