كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)
وفرائض، وراء ذلك كله. إذا تبين هذا، فالأقسام مشتركون في التحريم، متفاوتون في العقوبة، قال الله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [سورة الأنعام آية: 132] . وأخبث هؤلاء وأجهلهم، من قال: إنه حصل بهم راحة للناس، وعدم ظلم وتعد على الحضر; وهذا الصنف أضل القوم، وأعماهم عن الهدى، وأشدهم محادة لله ورسوله، ولأهل الإيمان والتقى، لأنه لم يعرف الراحة التي حصلت بالرسل، وبما جاؤوا به في الدنيا والآخرة، ولم يؤمنوا بها الإيمان النافع.
والمسلم يعرف أن الراحة كل الراحة، والعدل كل العدل، واللذة كل اللذة، في الإيمان بالله ورسوله، والقيام بما أنزل الله من الكتاب والحكمة، وإخلاص الدين له، وجهاد أعدائه وأعداء رسوله، وأنه باب من أبواب الجنة، يحصل به النعيم والفرح واللذة، في الدور الثلاث، قال الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية [سورة البقرة آية: 177] .
ولو علم هذا المتكلم أن الشرك أظلم الظلم، وأكبر الكبائر، وأقبح الفساد وأفحشه، لكان له مندوحة عن مثل هذا الجهل الموبق؛ قال الله تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} [سورة الأعراف آية: 56] ، وقال تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ