كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)

يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [سورة البقرة آية: 26-27] ، فجعل الخسار كله بحذافيره، في أهل هذه الخصال الثلاث، كما يفيده الضمير المقحم بين المبتدإ والخبر. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [سورة الأنفال آية: 73] . فهذا الفساد المشار إليه، في هذه الآيات الثلاث الكريمات، هو الفساد الحاصل بالكفر والشرك، وترك الجهاد في سبيل الله، واتخاذ أعداء الله أولياء من دون المؤمنين.
وبالجملة: فمن عرف غور هذا الكلام - أعني قول بعضهم: إنه حصل بهم راحة للناس، وعدم ظلم وتعد على الحضر - تبين له ما فيه من المحادة والمشاقة لما جاءت به الرسل، وعرف أن قائله ليس من الكفر ببعيد.
والواجب على مثلك: أن يجاهدهم بآيات الله، ويخوفهم من الله وانتقامه، ويدعو إلى دينه وكتابه. والهجر مشروع إذا كان فيه مصلحة راجحة، ونكاية لأرباب الجرائم، وهذا يختلف باختلاف الأحوال، والأزمان، والله المستعان.
وسئل: عمن كان في سلطان المشركين، وعرف التوحيد وعمل به، ولكن ما عاداهم، ولا فارق أوطانهم؟

الصفحة 358