كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)
يوجب ترك الهجرة، قال تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [سورة العنكبوت آية: 56] .
وأما ما كان في دار الإسلام، ولا تعلّم أصل الدين ولا قواعده، ولأجل الجهل بها، صار يعزر ويوقر، أعداء الدين؟
فالجواب أن يقال: إن أحوال الناس تتفاوت تفاوتاً عظيماً، وتفاوتهم بحسب درجاتهم في الإيمان، إذا كان أصل الإيمان موجوداً؛ والتفريق والترك، إنما هو فيما دون ذلك من الواجبات، والمستحبات. وأما اذا عدم الأصل الذي يدخل به في الإسلام، وأعرض عن هذا بالكلية، فهذا كفر إعراض، فيه قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ} الآية [سورة الأعراف آية: 179] ، وقوله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} الآية [سورة طه آية: 124] . ولكن عليك أن تعلم: أن المدار على معرفة حقيقة الأصل وحقيقة القاعدة، وإن اختلف التعبير واللفظ؛ فإن كثيراً يعرف القصد والقاعدة، ويعبر بغير التعبير المشهور. وتعزيرهم وتوقيرهم كذلك، تحته أنواع أيضاً، أعظمها: رفع شأنهم، ونصرتهم على أهل الإسلام ومبانيه، وتصويب ما هم عليه؛ فهذا وجنسه من المكفرات، ودونه مراتب من