كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)
إحدى تلك المرات، أن ينكر على جماعة منهم، ما رأوه يدور بينهم، من كاسات الخمر، فقال له الشيخ: لا تفعل، إنهم لو تركوا هذا، لزاد شرهم على المسلمين وجرمهم.
وأما البداءة بالسلام، فلا ينبغي أن يبدأ الكافر بالسلام، بل هو تحية أهل الإسلام؛ لكن إن خاف مفسدة راجحة، أو فوات مصلحة كذلك، فلا بأس بالبداءة، لا سيما ممن ينتسب إلى الإسلام، ولكن يخفى عليه شيء من أصوله وحقوقه. وقد كان صلى الله عليه وسلم يأتي المشركين من العرب، في منازلهم، أيام الموسم، ويدعوهم إلى توحيد الله، وترك عبادة ما سواه، وأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويتلو عليهم القرآن، ويبلغهم ما أمر بتبليغه، مع ما هم عليه من الشرك والكفر والرد القبيح، لما في ذلك من المصلحة الراجحة على مصلحة الهجر والتباعد.
والهجر، إنما شرع لما فيه من المصلحة وردع المبطل، فإذا انتفى ذلك، وصار فيه مفسدة راجحة، فلا يشرع. ومن تأمل السيرة النبوية، والآثار السلفية، يعرف ذلك ويتحققه. وقد أمر الله بالدعوة إليه على بصيرة، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} الآية [سورة يوسف آية: 108] ، وقال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [سورة الحج آية: 78] .