كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 8)

وجاءت السنة ببيان ذلك. ولم يرد في الآيات المدنية، الأمر بالصفح عن المشركين، وأعداء الدين؛ بل جاء الأمر بجهادهم، والغلظة عليهم في غير موضع، وجاء الأمر بإعلان الإنكار على المجاهرين من الفساق، ولو كان مسلماً.
ومن جاهر بالمعاصي، ونصرة أولياء المشركين، فلا حرمة لعرضه، ولا يشرع الستر عليه بترك الإنكار؛ وفي قصة حاطب، ما يدلك على هذا، وهو صحابي بدري، وقال تعالى: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [سورة النور آية: 2] . وقد ذكر ابن القيم طرفاً من الفروق في كتاب الروح، فينبغي مراجعته، ومعرفة حدود ما أنزل الله على رسوله. ومثلك يقتدى به، وقد نفع الله بإنكارك وشدتك على أهل الزيغ، فلا ينبغي العدول إلى خيال لا يعرج عليه.
وقد عرفت حال أهل وقتك من طلبة العلم، وأنهم ما بين مجاهر بإنكار الحق، قد لبس عليه أمر دينه، أو مداهن مع هؤلاء ومع هؤلاء، غاية قصده السلوك مع الناس، وإرضاؤهم، أو ساكت معرض عن نصرة الحق، ونصرة الباطل، يرى الكفاف أسلم، وأن هذا الرأي أحكم؛ هذا حال فقهاء زمانك، فقل لي: من يقوم بنصر الحق وبيانه، وكشف الشبهة عنه ونصرته، إذا رأيت السكوت والصفح، كما في البيتين اللذين في الخط؟ فينبغي النظر في زيادة قيد في تلك الأبيات، لئلا يتوجه الإيراد، والسلام.

الصفحة 387