كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 8)

فِي قَوْلِهِ نِصْفُ طَالِقٍ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ وَالطَّلَاقُ أَوْ أَنْتِ وَطَلْقَةٌ، فَكِنَايَةٌ، أَيْ: قَرَنْتُ بَيْنَكِ وَبَيْنَهَا. وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ فِي لَفْظَيِ السَّرَاحِ وَالْفِرَاقِ، فَقَوْلُهُ: فَارَقْتُكِ وَسَرَّحْتُكِ صَرِيحَانِ، وَفِي الِاسْمِ مِنْهُمَا وَهُوَ مُفَارَقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ وَجْهَانِ، سَوَاءٌ الْوَصْفُ، كَقَوْلِهِ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ أَوْ مُفَارَقَةٌ، وَالنِّدَاءُ كَقَوْلِهِ: يَا مُسَرَّحَةُ أَوْ يَا مُفَارَقَةُ، أَصَحُّهُمَا صَرِيحَانِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: أَنْتِ السَّرَاحُ، أَوْ أَنْتِ الْفِرَاقُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي: أَنْتِ الطَّلَاقُ.
فَرْعٌ
قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: طَالِقٌ، إِطْلَاقَهَا مِنَ الْوِثَاقِ، وَبِالْفِرَاقِ الْمُفَارَقَةَ فِي الْمَنْزِلِ، وَبِالسَّرَاحِ إِلَى مَنْزِلِ أَهْلِهَا، أَوْ قَالَ: أَرَدْتُ خِطَابَ غَيْرِهَا فَسَبَقَ لِسَانِي إِلَيْهَا، دُيِّنَ وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا، فَلَوْ صَرَّحَ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وِثَاقٍ، أَوْ سَرَّحْتُكِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، أَوْ فَارَقْتُكِ فِي الْمَنْزِلِ، خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ صَرِيحًا وَصَارَ كِنَايَةً. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَهَذَا فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، وَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّمَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إِذَا كَانَ عَلَى عَزْمِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَصَلَ بِهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ فِي الْبَاطِنِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَازِمًا عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَوَّلًا ثُمَّ نَوَاهَا فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ، فَوَجْهَانِ سَيَأْتِي نَظِيرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ التَّدْيِينُ إِذَا لَمْ يَتَلَفَّظُ بِالزِّيَادَةِ، وَقَالَ: نَوَيْتُهَا، إِنَّمَا يُدَيَّنُ إِذَا كَانَ نَاوِيًا مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، فَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْكَلَامِ، فَلَا، وَإِنْ حَدَثَتْ فِي أَثْنَائِهِ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ.
فَرْعٌ
قَوْلُهُ: أَوْقَعْتُ عَلَيْكِ طَلَاقِي، صَرِيحٌ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ. وَلَوْ قَالَ: لَكِ طَلْقَةٌ، أَوْ وَضَعْتُ عَلَيْكِ طَلْقَةً، فَوَجْهَانِ.

الصفحة 24