كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 8)

لَوْ أَذِنَ فِي الِانْتِقَالِ إِلَى مَسْكَنٍ آخَرَ فِي الْبَلَدِ مُدَّةً قَدَّرَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَ، كَذَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ نَصِّهِ فِي «الْأُمِّ» وَفِي الْوَسِيطِ أَنَّ الطَّلَاقَ يُبْطِلُ تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاعْتِكَافِ مُدَّةً وَلَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، هَلْ لَهَا إِدَامَةُ الِاعْتِكَافِ إِلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ، أَمْ يَلْزَمُهَا الْخُرُوجُ لِتَعْتَدَّ فِي الْمَسْكَنِ؟ فَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا الْخُرُوجُ فَخَرَجَتْ، بَطَلَ اعْتِكَافُهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا الْبِنَاءُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مَنْذُورًا، وَإِنْ أَلْزَمْنَاهَا، فَهَلْ يَبْطُلُ بِالْخُرُوجِ، أَمْ يَجُوزُ الْبِنَاءُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
وَإِنْ حَدَثَ سَبَبُ الْعِدَّةِ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ قَبْلَ بُلُوغِهَا الْمَقْصِدَ، فَحَيْثُ قُلْنَا فِي سَفَرِ الْحَاجَةِ: يَجِبُ الِانْصِرَافُ، فَهُنَا أَوْلَى. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَجِبُ، فَهُنَا وَجْهَانِ. وَقَطَعَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» ، بِأَنَّهُ كَسَفَرِ الْحَاجَةِ.
وَأَمَّا سَفَرُ الزِّيَارَةِ، فَكَسَفَرِ النُّزْهَةِ عَلَى ظَاهِرِ النَّصِّ، وَقِيلَ: كَسَفَرِ الْحَاجَةِ، ثُمَّ إِذَا انْتَهَتْ مُدَّةُ جَوَازِ الْإِقَامَةِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، فَعَلَيْهَا الِانْصِرَافُ فِي الْحَالِ إِنْ لَمْ تَكُنِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ بِتَمَامِهَا لِتَعْتَدَّ بَقِيَّةَ الْعِدَّةِ فِي الْمَسْكَنِ. فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا، أَوْ لَمْ تَجِدْ رُفْقَةً، عُذِرَتْ فِي التَّأْخِيرِ. فَلَوْ عَلِمَتْ أَنَّ الْبَقِيَّةَ تَنْقَضِي فِي الطَّرِيقِ، فَفِي لُزُومِ الْعَوْدِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَلْزَمُهَا، وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْأُمِّ» لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى مَوْضِعِ الْعِدَّةِ، وَلِأَنَّ تِلْكَ الْإِقَامَةَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا، وَالْعَوْدُ مَأْذُونٌ فِيهِ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا أَذِنَ لَهَا فِي السَّفَرِ.
فَأَمَّا إِذَا خَرَجَتْ مَعَ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَ، فَعَلَيْهَا الِانْصِرَافُ، وَلَا تُقِيمُ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ، إِلَّا إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا، أَوْ لَمْ تَجِدْ رُفْقَةً. وَهَذَا إِذَا كَانَ سَفَرُهُ لِغَرَضِهِ وَاسْتَصْحَبَهَا لِيَسْتَمْتِعَ بِهَا. فَأَمَّا إِذَا كَانَ السَّفَرُ لِغَرَضِهَا وَخَرَجَ بِهَا، فَلْيَكُنِ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ. وَفِي لَفْظِ «الْمُخْتَصَرِ» مَا يُشْعِرُ بِهَذَا.
فَرْعٌ
أَذِنَ لَهَا فِي الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ، فَلَا تُحْرِمُ، وَلَا تُنْشِئُ السَّفَرَ بَعْدَ لُزُومِ الْعِدَّةِ، فَلَوْ أَحْرَمَتْ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ

الصفحة 412