كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 8)

فَرْعٌ
طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ وَهِيَ فِي سَفِينَةٍ، فَإِنْ رَكِبَتْهَا مُسَافِرَةً، فَحُكْمُ السَّفَرِ مَا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَلَّاحًا وَلَا مَنْزِلَ لَهُ سِوَى السَّفِينَةِ، فَإِنْ كَانَتْ سَفِينَةً كَبِيرَةً فِيهَا بُيُوتٌ مُتَمَيِّزَةُ الْمَرَافِقِ، اعْتَدَّتْ فِي بَيْتٍ مِنْهَا مُعْتَزِلَةً عَنِ الزَّوْجِ، وَسَكَنَ الزَّوْجُ بَيْتًا آخَرَ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، نُظِرَ، إِنْ كَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ لَهَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَالِجَ السَّفِينَةَ، خَرَجَ الزَّوْجُ، وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا، وَإِلَّا فَتَخْرُجُ هِيَ وَتَعْتَدُّ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَى الشَّطِّ، وَإِذَا تَعَذَّرَ خُرُوجُهُ وَخُرُوجُهَا، فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَتِرَ وَتَبْعُدَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» وَ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُمَا، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ مِنَ السَّفِينَةِ إِذَا أَمْكَنَ الِاعْتِدَادُ فِيهَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ آخَرُونَ، وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ فِي كُتُبِهِ، أَنَّهَا تَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي السَّفِينَةِ، وَبَيْنَ أَنْ تَخْرُجَ فَتَعْتَدَّ خَارِجَهَا. فَإِنِ اخْتَارَتِ السَّفِينَةَ، نَظَرْنَا حِينَئِذٍ، هَلْ هِيَ صَغِيرَةٌ أَمْ كَبِيرَةٌ؟ وَرَاعَيْنَا التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ، وَذَكَرَ فِيمَا إِذَا اخْتَارَتِ الْخُرُوجَ، وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الْمَاسَرْجِسِيُّ: تَعْتَدُّ فِي أَقْرَبِ الْقُرَى إِلَى الشَّطِّ. وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ.
فَرْعٌ
إِذَا خَرَجَتِ الزَّوْجَةُ إِلَى غَيْرِ الدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ، أَوْ غَيْرِ الْبَلَدِ الْمَأْلُوفِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاخْتَلَفَا، فَقَالَتْ: أَذِنْتَ لِي فِي الِانْتِقَالِ فَأَعْتَدُّ فِي الْمَنْزِلِ الثَّانِي، وَقَالَ: إِنَّمَا أَذِنْتُ لَكِ فِي النُّزْهَةِ أَوْ فِي غَرَضِ كَذَا فَعُودِي إِلَى الْمَنْزِلِ الْأَوَّلِ فَاعْتَدِّي فِيهِ، فِي مَنْ يُصَدَّقُ مِنْهُمَا اخْتِلَافُ نَصٍّ وَطُرُقٍ مُنْتَشِرَةٍ انْتِشَارًا كَثِيرًا، وَحَاصِلُهَا: أَنَّ الْمَذْهَبَ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ، وَتَصْدِيقُهَا إِذَا اخْتَلَفَتْ هِيَ وَوَارِثُ الزَّوْجِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: تَصْدِيقُ الزَّوْجِ وَالْوَارِثِ. وَالثَّانِي: تَصْدِيقُهَا

الصفحة 414