كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 8)

لِإِيذَاءِ الْأَحْمَاءِ.
فَعَلَى هَذَا، إِذَا كَانَتْ فِي دَارٍ وَالْأَحْمَاءُ فِي الْقُرَى، فَإِنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ بِالْبَذَاءِ إِذَا لَمْ تَكُنِ الدَّارَانِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذَاءُ مِنَ الْأَحْمَاءِ دُونَهَا، نُقِلُوا دُونَهَا، وَلَوْ كَانَتْ فِي دَارِ أَبَوَيْهَا لِكَوْنِ الزَّوْجِ كَانَ يَسْكُنُ دَارَهُمَا، فَبَذَتْ عَلَى الْأَبَوَيْنِ، أَوْ بَذَا الْأَبَوَانِ عَلَيْهَا، لَمْ يُنْقَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، لِأَنَّ الشَّرَّ وَالْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمْ، فَلَوْ كَانَ أَحْمَاؤُهَا فِي دَارِ أَبَوَيْهَا أَيْضًا، وَبَذَتْ عَلَيْهِمْ، نُقِلُوا دُونَهَا، لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِدَارِ أَبَوَيْهَا.
وَمِنْهَا: إِذَا احْتَاجَتْ إِلَى شِرَاءِ طَعَامٍ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ بَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، نُظِرَ، إِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، فَهِيَ زَوْجَتُهُ، فَعَلَيْهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهَا، فَلَا تَخْرُجُ إِلَّا بِإِذْنِهِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَاةِ، وَالْمُسَيَّبَةِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ.
وَأَمَّا سَائِرُ الْمُعْتَدَّاتِ: فَيَجُوزُ لِلْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ الْخُرُوجُ لِهَذِهِ الْحَاجَاتِ نَهَارًا، وَكَذَا لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِاللَّيْلِ إِلَى دَارِ بَعْضِ الْجِيرَانِ لِلْغَزْلِ وَالْحَدِيثِ، لَكِنْ لَا تَبِيتُ عِنْدَهُمْ، بَلْ تَعُودُ إِلَى مَسْكَنِهَا لِلنَّوْمِ. وَحُكْمُ الْعِدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ حُكْمُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا. وَقُلْنَا: إِنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ، فَلَا يُبَاحُ لَهَا الْخُرُوجُ.
وَفِي الْبَائِنِ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ، قَوْلَانِ. الْقَدِيمُ: لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ، وَالْجَدِيدُ: جَوَازُهُ كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا، قَالَ الْمُتَوَلِّي: هَذَا فِي الْحَائِلِ، أَمَّا الْحَامِلُ: إِذَا قُلْنَا: تُعَجَّلُ نَفَقَتُهَا، فَهِيَ مَكْفِيَّةٌ فَلَا تَخْرُجُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ.
وَمِنْهَا: لَوْ لَزِمَهَا عِدَّةٌ وَهِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، لَزِمَهَا أَنْ تُهَاجِرَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَخَافُ عَلَى نَفْسِهَا، وَلَا عَلَى دِينِهَا، فَلَا تَخْرُجُ حَتَّى تَعْتَدَّ.

الصفحة 416