كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 8)

فَرْعٌ
تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ، لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَيْضِ وَلَكِنْ إِنْ وُجِدَتِ الصِّفَةُ فِي الطُّهْرِ، نَفَذَ سُنِّيًّا، وَإِنْ وُجِدَتْ فِي الْحَيْضِ، نَفَذَ بِدْعِيًّا فَتُسْتَحَبُّ الْمُرَاجَعَةُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ وُجِدَتِ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ، أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ. وَعَنِ الْقَفَّالِ، أَنَّ نَفْسَ التَّعْلِيقِ بِدْعَةٌ، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي الْحَالَ وَقْتَ الْوُقُوعِ، فَلْتَحْتَرِزْ عَمَّا قَدْ يَضُرُّهَا وَلَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ.
قُلْتُ: قَوْلُهُ أَوَّلًا: وَإِنْ وُجِدَتْ فِي الْحَيْضِ نَفَذَ بِدْعِيًّا، مَعْنَاهُ يُسَمَّى بِدْعِيًّا وَتُرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبِدْعِيِّ، إِلَّا أَنَّهُ لَا إِثْمَ فِيهِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ فِي كُلِّ الطُّرُقِ، إِلَّا مَا حَكَاهُ عَنِ الْقَفَّالِ: وَقَدْ أَطْنَبَ الْإِمَامُ فِي تَغْلِيطِ الْقَفَّالِ فِي هَذَا وَقَالَ: هَذَا فِي حُكْمِ الْهُجُومِ عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ، فَلَمْ يُحَرِّمْ أَحَدٌ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، أَوْ إِنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِلسُّنَّةِ، أَوْ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ وَهِيَ فِي حَالِ السُّنَّةِ، طُلِّقَتْ. وَإِنْ وُجِدَ وَهِيَ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ، لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَالِ السُّنَّةِ، فَحِينَئِذٍ تُطَلَّقُ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِأَمْرَيْنِ، فَاشْتُرِطَ حُصُولُهُمَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ، فَإِنْ دَخَلَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ طُلِّقَتْ، وَإِنْ دَخَلَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ، لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْبِدْعَةِ.
وَلَوْ قَالَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ فِي طَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ كَغَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، وَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِلسُّنَّةِ، فَصَارَتْ ذَاتَ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ، ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ وُجِدَ فِي حَالِ السُّنَّةِ، طُلِّقَتْ، وَإِنْ وُجِدَ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ، لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَالِ السُّنَّةِ. وَلَوْ وُجِدَ الشَّرْطُ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهَا. طُلِّقَتْ لِأَنَّهُ لَا سُنَّةَ فِي طَلَاقِهَا.

الصفحة 6