كتاب تفسير الألوسي = روح المعاني (اسم الجزء: 8)

وستين مرة ثم إن طرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى في أقل من ثانية إلى آخر ما قال، وما ذكرناه هو الصواب في التعبير فإن المقدمتين اللتين ذكرهما ممنوعتان، أما الأولى بأن النسبة التي ذكرها إنما هي نسبة جرم الشمس إلى جرم الأرض كما برهنوا عليه في باب مقادير الأجرام والأبعاد من كتب الهيئة لكنهم قالوا جرم الشمس مثل جرم الأرض مائة وستة وستين مرة وربع مرة وثمن مرة.
والعلامة جعل ذلك نسبة القطر إلى القطر لأنه المتبادر مما بين الطرفين، وإرادة الجرم منه خلاف الظاهر جدا، وكان يكفيه لو أراد ذلك أن يقول: قرص الشمس ضعف كرة الأرض فأي معنى لما زاده، وأما الثانية فإن أراد بالثانية الثانية من دقيقة الدرجة الفلكية التي هي ستون دقيقة فمنعها بما حرره العلامة القطب الشيرازي في نهاية الإدراك حيث قال: مقدار الدرجة الواحدة من مقعر الفلك الأطلس بالأميال 9343593 ميلا فالفلك الأعلى يقطع فيما مقداره من الزمان جزء واحد من خمسة عشر جزءا من ساعة مستوية وهو ثلث خمسها هذا المقدار من الأميال فإذا تحرك مقدار دقيقة وهي جزء من تسعمائة جزء من ساعة مستوية كان قدر قطعه من المسافة 155718 ميلا وسدس ميل وخمس ربع أو ربع خمس ميل، ولأن حين ما يبدو قرن الشمس إلى أن تطلع بالتمام يكون بقدر ما يعد واحد من واحد إلى ثلاثمائة فبمقدار ما يعد ثلاثين يتحرك الفلك 155718 ميلا وهو ألف وسبعمائة واثنان وثلاثون فرسخا من مقعره والله تعالى أعلم بما يتحرك محدبه حينئذ فسبحان الله تعالى ما أعظم شأنه اه.
وحاصل ذلك أن الفلك الأعظم يتحرك من ابتداء طلوع جرم الشمس إلى أن يطلع بتمامه سدس درجة وهو عشر دقائق من ستين دقيقة من درجة فلكية ومقدار مساحة هذه الدقائق 519600 أي خمسمائة ألف وتسعة عشر ألفا وستمائة فرسخ وإذا جعلنا هذه الدقائق ثواني كانت ستمائة ثانية فأين الأقل من ثانية.
وإن أراد بالثانية الثانية من دقيقة الساعة التي هي ربع الدرجة الفلكية فسدس الدرجة هاهنا يكون ثلثي دقيقة وإذا جعلنا ثلثي الدقيقة ثواني كانا أربعين ثانية وهذه الثواني الستمائة بعينها إلا أن المنجمين لما جعلوا الساعة ستين دقيقة تسهيلا للحساب والساعة عبارة عن خمسة عشر درجة فلكية اقتضى أن تكون الدرجة الفلكية وكل ثانية من ثواني دقيقة الساعة بخمسة عشر ثانية من ثواني دقيقة الدرجة الفلكية فالخلاف بين ثواني دقائق الدرجة الفلكية وثواني دقيقة الساعة اعتبار لفظي وأجاب عبد الرحمن الكردي الشهير بالفاضل بأن الثانية جزء من ستين جزءا من دقيقة والدقيقة قد تطلق على جزء من ستين جزءا من درجة وقد تطلق على جزء من ستين جزءا من ساعة وقد تطلق على جزء من ستين جزءا من يوم بليلته، ومراد العلامة البيضاوي من الثانية الثانية الثالثة لا الثانية الأولى وهو ظاهر ولا الثانية الثانية كما ذهب إليه سعدي جلبي وتبعه ابن صدر الدين، وفيه أنه يفهم منه أن الفلكيين قد يقسمون اليوم بليلته إلى ستين دقيقة كما يقسمونها إلى الساعات والدرجات والدقائق قسمة يتميز بها أجزاء الزمان ولم يقل بذلك أحد منهم وإنما ذكر ذلك بعضهم تسهيلا لمعرفة الكسر الزائد على الأيام التامة من السنة لتعرف منه السنة الكبيسة في ثلاث سنين أو أربع سنين وهو بمعزل عما نحن فيه من قطع المسافة البعيدة بالزمان القليل ولو سلمنا ما زعمه كان ناقصا من مدة حركة الفلك الأعظم من ابتداء طلوع قرص الشمس إلى انتهائه وهو ثلثا دقيقة هما أربعون ثانية وذلك جزء من تسعين جزءا من ساعة مستوية كما حرره العلامة الشيرازي، وما ذكره من أن الثانية من دقيقة اليوم بليلته عبارة عن أربعة وعشرين ثانية من ثواني دقيقة الساعة، وهي أقل من ثلثي دقيقة بستة عشر ثانية خطأ على خطأ تلك أذن قسمة ضيزى، نعم قد أصاب في الرد على الفاضلين وقد أخطأ الفاضل الأول في غير ذلك في هذا المقام كما لا يخفى على من وقف على كلامه وكان له أدنى اطلاع، على كتب القوم، ولتداول هذا المبحث بين الطلبة وعدم وجدانهم من يبل غليلهم تعرضنا له بما

الصفحة 10