كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 8)

ما يعرف، فيلزم الجيش طاعته فيما أمر، ودليل ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]، ولكن يشترط لوجوب طاعته فيها ألاَّ يخالف أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فإن خالف أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ويدل لهذا:
أولاً: الآية الكريمة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}، أطيعوا الله هذا فعل، وأطيعوا الرسول فعل أيضاً، فأعاد الفعل بالنسبة لطاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن طاعته مستقلة يجب أن يطاع بكل حال. أما الثالث فلم يُعد الفعل، فقال: {وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ولم يقل: أطيعوا؛ لأن طاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، ولهذا لو أمر ولي الأمر بمخالفة أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، قلنا: لا سمع ولا طاعة.
وظاهر كلام المؤلف أنه تجب طاعته ولو كان فاسقاً، وهو كذلك، فتجب طاعة ولي الأمر ولو كان من أفسق عباد الله؛ وذلك لعموم الأدلة الدالة على وجوب طاعة ولاة الأمور، والصبر عليهم وإن رأينا منهم ما نكره في أديانهم وعدلهم واستئثارهم، فإننا نسمع ونطيع فنؤدي الحق الذي أوجب الله علينا، ونسأل الله الحق الذي لنا، هكذا أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم (¬1)، وهكذا جرى عليه سلف هذه الأمة.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في المناقب/ باب علامات النبوة في الإسلام (3603)؛ ومسلم في المغازي/ باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول (1843)، عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ.

الصفحة 18