كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 8)

ثم قال: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) أي: الذي ليس بمنكر، أما هذا فإنه منكر، إذاً إذا أمر بالمعصية فإنه لا سمع له ولا طاعة.
مسألة: في بعض البلاد الإسلامية لا يمكن أن يدخل الإنسان الجيش حتى يحلق لحيته فيأمرونه بحلق اللحية، فهل يلزمه طاعتهم؟.
الجواب: لا، بل يقول وبكل صراحة: لا سمع ولا طاعة، ولا أوافقك على معصية الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «أعفوا اللحى» (¬2)، وأنت تقول: احلقوا اللحى! فهذا مصادمة فلا قبول.
وليت أن الجيوش في البلاد الإسلامية تتفق على هذا وتمانع، لكن مشكلتنا أن أكثرهم لا يهتم بمثل هذه الأمور فيبقى الإنسان منفرداً إذا أراد أن يمتنع عن المعصية، وحينئذ تبقى المسألة مشكلة، ولكن لو أن الجيش كله قال: نحن لا نطيعك في معصية الله وصمموا على هذا، لم يستطع الضابط ولا من فوق الضابط أن يجبرهم على ذلك، لكن مشكلتنا التخاذل، وعدم الاهتمام بمثل هذه الأمور، والناس يتهاونون في هذه المعصية، ولا يهتمون بعظمة من عصوه، ولا يرون أن الإصرار على الصغيرة يكون كبيرة، ولا يرون أن المعاصي سبب للفشل
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في الأحكام/ باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (7145)؛ ومسلم في الإمارة/ باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية (1840)، عن علي ـ رضي الله عنه ـ.
(¬2) أخرجه البخاري في اللباس/ باب إعفاء اللحى (5893)؛ ومسلم في الطهارة/ باب خصال الفطرة (259) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.

الصفحة 20