كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 8)

يا رسول الله إن لي بيوعاً فما يحل لي منها وما يحرم؟ فقال: «إذا ابتعت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه» (¬1)، و «شيئاً» نكرة في سياق الشرط فتكون للعموم، ويؤيد ذلك تفقه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لما قال ـ حينما ذكر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الطعام حتى يقبض ـ: «ولا أحسب كل شيء إلا مثله» (¬2). وهذا القياس من ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قد دل عليه النص صريحاً، ولعل ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لم يسمع هذا الحديث من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك حديث زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم» (¬3)، فالصحيح أن كل شيء لا يباع حتى يقبض.
وقيل: إذا بيع جزافاً فلا بأس من التصرف فيه قبل القبض وهو المذهب.
ثم انتقل المؤلف إلى الكلام عن ضمان المبيع قبل قبضه، هل يكون على البائع أو يكون على المشتري؟
قوله: «وإن تلف قبل قبضه فمن ضمان البائع» الضمير يعود على المكيل ونحوه مما بيع جزافاً أو بتقدير فقط. وهذا هو الحكم الرابع.
فالمذهب أنه إذا كان بتقدير يعني بيع المكيل كيلاً، والموزون وزناً، والمعدود عدّاً، والمذروع ذرعاً، فهذا إذا تلف
¬__________
(¬1) أخرجه الإمام أحمد (3/ 402)؛ والنسائي في البيوع/ باب بيع الطعام قبل أن يستوفى (7/ 286)؛ وصححه ابن حبان (4983).
(¬2) سبق تخريجه ص (368).
(¬3) سبق تخريجه ص (212).

الصفحة 372