كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 8)

أن نبقى على العهد، ولا يجوز لنا أن نقاتلهم، بل ننبذ إليهم على سواء، وإليه الإشارة في قوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58]، أي: انبذ العهد على سواء؛ لتكون أنت وإياهم على سواء في أنه لا عهد بينكم، وهذا هو الإنصاف؛ لأن الدين الإسلامي أقوم الأديان وأعدلها، فما استقاموا لنا فإننا نستقيم لهم، وإن نقضوا عهدنا فلا عهد لهم، وإن خفنا منهم ننبذ إليهم على سواء، فنقول: لا عهد بيننا وبينكم، ولا نأتيهم على غرة ونباغتهم؛ لأن الأصل قيام العهد.
قوله: «تجوز بشرط حيث جاز تأخير الجهاد لنحو ضعف بالمسلمين» وفي وقتنا هذا فينا ضعف؛ لذلك تجوز الهدنة على المذهب بدون تقييد، ولكن لا بد أن تكون المدة معلومة مقيدة.
قوله: «ولو بمال منا ضرورة» أي: ولو كان عقد الهدنة بمال، وعقد الهدنة بمال إما أن يكون منهم، وإما أن يكون منا ولا ثالث لذلك، ويكون منهم إذا كانوا هم الضعفاء فيفرحون أن نأخذ منهم ضريبة مالية وندع جهادهم، ويكون منا إذا كان الضعف فينا، ولهذا قيدها المؤلف بقوله: «لو بمال منا ضرورة» وهذا إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء يقول: لا يجوز أن نعطيهم على الهدنة مالاً أبداً، ولهذا «لما شاور النبي صلّى الله عليه وسلّم سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ على أن يعطي مالاً في مقابلة المصالحة أبوا، وقالوا: لا يمكن يا رسول الله، في الجاهلية لا يقدرون أن

الصفحة 48