كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 8)

الجواب: نعم إذا كان المجلس عاماً، أما إذا كان المجلس بيتاً لهم فهم في بيوتهم أحرار، وإن كان عامّاً فإنهم لا يصدرون في المجالس؛ لأن الإسلام هو الذي له الشرف، وهو الذي يعلو ولا يُعلى عليه.
قوله: «ولا القيام لهم» أي: إذا أقبلوا فلا تقم لهم؛ لأن ذلك إكرام لهم، وإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه» (¬1)، فإن القيام لهم ينافي ذلك تمام المنافاة؛ لأنه إكرام لهم.
وعُلِمَ من قول المؤلف: «ولا القيام لهم» أنه يجوز القيام للمسلمين، فإذا دخَل إنسان ذو شرف وجاه فإنه لا بأس بالقيام له، لكن هو نفسه لا يحب ولا يتمنى أن يقوم الناس له، إنما إذا قاموا له فإنه لا حرج عليهم، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يكره أن يُقام له» (¬2)، فتركه الصحابة استجابة لرغبة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكنه لا بأس أن يقوم الإنسان لذي الشرف والجاه إكراماً له.
وليعلم أن القيام ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قيام للشخص، وقيام عليه، وقيام إليه.
فالقيام له، أي: أنه إذا دخل قمت إجلالاً وإكراماً له، ثم
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في السلام/ باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام (2167)، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
(¬2) أخرجه الإمام أحمد (3/ 132، 134)؛ والترمذي في الأدب/ باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل (2754) عن أنس ـ رضي الله عنه ـ. وقال الترمذي: «حسن صحيح»، وفي «تخريج المشكاة» (3/ 331): «إسناده صحيح».

الصفحة 71