كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَا: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ , ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ الْأَنْطَرطُوسِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ، قَالَ: " أَوَّلُ مَا كَلَّمَ اللهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , قَالَ: §أُوصِيكَ بِأَرْبَعٍ إِنْ لَقِيتَنِيَ بِهِنَّ أَدْخَلْتُكَ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَقِيَنِي بِهِنَّ مِنْ وَلَدِكَ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ , وَاحِدَةٌ لِي وَوَاحِدَةٌ لَكَ وَوَاحِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَوَاحِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّاسِ. فَأَمَّا الَّتِي لِي فتعَبْدُنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا , وَأَمَّا الَّتِي لَكَ فَمَا عَمِلْتَ مِنْ عَمَلٍ وَفَّيْتُكَ إِيَّاهُ , وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَمِنْكَ الدُّعَاءُ وَمِنِّي الْإِجَابَةُ , وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّاسِ فَمَا كَرِهْتَ لِنَفْسِكَ فَلَا تَأْتِهِ إِلَى غَيْرِكَ "
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ، فِي كِتَابِهِ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ، مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ , يَقُولُ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52] فَأَعْلَمَكَ §أَنَّ بِتَقْوَاهُ تَسْتَوجِبُ جَمِيلَ الثَّوَابِ وَيَنْجُو الْمُتَّقُونَ مِنْ سَكَرَاتِ يَوْمِ الْحِسَابِ وَيَئُولُونَ إِلَى خَيْرِ بَابٍ ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللهُ {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقُوا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ، مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ , يَقُولُ: " §لَيْسَ مِنْ أَعْلَامِ الْحُبِّ أَنْ تُحِبَّ مَا يبْغِضُ حَبِيبُكَ ذَمَّ مَوْلَانَا الدُّنْيَا فَمَدَحْنَاهَا وَأَبْغَضَهَا فَأَحْبَبْنَاهَا وَزَهَدَّنَا فِيهَا فَآثَرْنَاهَا وَرَغِبْنَا فِي طَلَبِهَا وَعَدَكُمْ خَرَابَ الدُّنْيَا فَحَصَّنْتُمُوهَا وَنُهِيتُمْ عَنْ طَلَبِهَا فَطَلَبْتُمُوهَا وَأُنْذِرْتُمُ الْكُنُوزَ فَكَنَزْتُمُوهَا دَعَتْكُمْ إِلَى هَذِهِ الْغَرَّارَةِ دَوَاعِيهَا فَأَجَبْتُمْ مُسْرِعَيْنِ مُنَادِيهَا , خَدَعَتْكُمْ بِغُرُورِهَا وَمَنَّتْكُمْ فَأَنْفَدْتُمْ خَاضِعِينَ لِأُمْنِيَّتِهَا , تَتَمَرَّغُونَ فِي زَهَوَاتِهَا وَتَتَمَتَّعُونَ فِي لَذَّاتِهَا وَتَتَقَلَّبُونَ فِي شَهَوَاتِهَا , وَتَتَلَوَّثُونَ بِتَبَعَاتِهَا تَنْبُشُونَ بِمَخَالِبِ الْحِرْصِ عَنْ خَزَائِنِهَا، وَتَحْفُرُونَ بِمَعَاوَلِ الطَّمَعِ فِي مَعَادِنِهَا , وَتَبْنُونَ بِالْغَفْلَةِ فِي أَمَاكِنِهَا وَتُحَصِّنُونَ بِالْجَهْلِ فِي مَسَاكِنِهَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا اللهَ فِي دَارِهِ , وَتَحُطُّوا رِحَالَكُمْ بِقُرْبِهِ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ وَأَهْلِ وِلَايَتِهِ وَأَنْتُمْ غَرْقَى فِي بِحَارِ -[25]- الدُّنْيَا حَيَارَى تَرْتَعُونَ فِي زَهَوَاتِهَا , وَتَتَمَتَّعُونَ فِي لَذَّاتِهَا , وَتَتَنَافَسُونَ فِي غَمَرَاتِهَا فَمِنْ جَمْعِهَا مَا تَشْبَعُونَ وَمِنَ التَّنَافُسِ فِيهَا مَا تَمَلُّونَ , كَذَبْتُمْ وَاللهِ أَنْفُسَكُمْ وَغَرَّتْكُمْ , وَمَنَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ , وَعَظَتْكُمْ بِالْتَوَانِي حَتَّى لَا تُعْطُوا الْيَقِينَ مِنْ قُلُوبِكُمْ وَالصِّدْقَ مِنْ نِّيَاتِكَمْ وَتَتَنَصَّلُونَ إِلَيْهِ مِنْ مَسَاوِئِ ذُنُوبِكُمْ وَتُعْصُوهُ فِي بَقِيَّةِ أَعْمَارِكِمْ أَمَّا سَمِعْتُمُ اللهَ، تَعَالَى يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28] لَا تُنَالُ جَنَّتُهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَلَا تُنَالُ وِلَايَتُهُ إِلَّا بِمَحَبَّتِهِ , وَلَا تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلَّا بِتَرْكِ مَعْصِيَتِهِ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَعَدَّ الْمَغْفِرَةَ لِلْأَوَّابِينَ , وَأَعَدَّ الرَّحْمَةَ لِلْتَوَّابِينَ , وَأَعَدَّ الْجَنَّةَ لِلْخَائِفِينَ , وَأَعَدَّ الْحُورَ لِلْمُطِيعِينَ , وَأَعَدَّ رُؤْيَتَهُ لِلْمُشْتَاقِينَ , قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] مِنْ طَرِيقِ الْعَمَى إِلَى طَرِيقِ الْهُدَى "
الصفحة 24