كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ , ثنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيُّ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ بَقِيَّةَ بْنَ الْوَلِيدِ , يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، يَقُولُ: " §تَعَلَّمْتُ الْمَعْرِفَةَ مِنْ رَاهِبٍ يُقَالُ لَهُ أَبَا سَمْعَانَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فِي صَوْمَعَتِهِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا سَمْعَانَ مُنْذُ كَمْ أَنْتَ فِي صَوْمَعَتِكَ هَذِهِ قَالَ: مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً قُلْتُ: فَمَا طَعَامُكَ؟ قَالَ: يَا حَنِيفِيُّ فَمَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا؟ قُلْتُ: أَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ قَالَ: فِي كُلِّ لَيْلَةٍ حِمِّصَةٌ , قُلْتُ: فَمَا الَّذِي يُهَيَّجُ مِنْ قَلْبِكَ حَتَّى تَكْفِيَهُ هَذِهِ الْحِمِّصَةُ قَالَ: تَرَى الدَّيْرَ بِحِذَائِكَ. قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: إِنَّهُمْ يَأْتُونِي فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمًا وَاحِدًا فَيُزَيِّنُونَ صَوْمَعَتِي وَيَطُوفُونَ حَوَالَيْهَا وَيُعَظِّمُونِي بِذَلِكَ فَكُلَّمَا تَثَاقَلْتُ نَفْسِي عَنِ الْعِبَادَةِ، ذَكَرْتُهَا تِلْكَ السَّاعَةَ وَأَنَا احْتَمَلَ جَهْدَ سَنَةٍ لِعَزِّ سَاعَةٍ فَاحْتَمِلْ يَا حَنِيفَيُّ جَهْدَ سَاعَةٍ لِعَزِّ الْأَبَدِ فَوَقَرَ فِي قَلْبِي الْمَعْرِفَةِ فَقَالَ: حَسْبُكَ أَوْ أَزِيدُكَ قُلْتُ: بَلَى , قَالَ: انْزِلْ عَنِ الصَّوْمَعَةِ، فَنَزَلْتُ فَأَدْلَى لِي رَكْوَةً فِيهَا عِشْرُونَ حِمِّصَةً , فَقَالَ لِي: ادْخُلِ الدَّيْرَ فَقَدْ رَأَوْا مَا أَدْلَيْتُ إِلَيْكَ فَلَمَّا دَخَلْتُ الدَّيْرَ اجْتَمَعَتِ النَّصَارَى فَقَالُوا: يَا حَنِيفِيُّ مَا الَّذِي أَدْلَى إِلَيْكَ الشَّيْخُ؟ قُلْتُ: مِنْ قُوتِهِ قَالُوا: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ نَحْنُ أَحَقُّ بِهِ قَالُوا: سَاوِمْ قُلْتُ: عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَعْطَوْنِي عِشْرِينَ دِينَارًا فَرَجَعْتُ إِلَى الشَّيْخِ فَقَالَ: يَا حَنِيفِيُّ مَا الَّذِي صَنَعْتَ قُلْتُ: بِعْتُهُ قَالَ: بِكَمْ قُلْتُ: بِعِشْرِينَ دِينَارًا قَالَ: أَخْطَأْتُ لَوْ سَاوَمْتَهُمْ عِشْرِينَ أَلْفًا لَأَعْطَوْكَ. هَذَا عِزُّ مِنْ لَا يَعْبُدَهُ فَانْظُرْ كَيْفَ يَكُونُ عَزُ مَنْ يَعْبُدُهُ يَا حَنِيفِيُّ أقْبِلْ عَلَى رَبِّكَ وَدَعِ الذَّهَابَ وَالْجِيئَةَ "
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ ثنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ النَّيْسَابُورِيُّ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الشَّامِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ بَقِيَّةَ بْنَ الْوَلِيدِ، يَقُولُ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: " §مَرَرْتُ بِرَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ وَالصَّومَعَةُ عَلَى عَمُودٍ وَالْعَمُودُ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ كُلَّمَا عَصَفَتِ الرِّيحِ تَمَايَلَتِ الصَّوْمَعَةُ -[30]- فَنَادَيْتُهُ قُلْتُ: يَا رَاهِبُ فَلَمْ يُجِبْنِي ثُمَّ نَادَيْتُهُ فَلَمْ يُجِبْنِي فَقُلْتُ فِي الثَّالِثَةِ: بِالَّذِي حَبَسَكَ فِي صَوْمَعَتِكَ إِلَّا أَجَبْتَنِي فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ: لَمْ تَنُوحْ سَمَّيْتَنِي بِاسْمٍ لَمْ أَكُنْ لَهُ بِأَهْلٍ قُلْتَ: يَا رَاهِبُ وَلَسْتُ بِرَاهِبٍ إِنَّمَا الرَّاهِبُ مَنْ رِهِبَ مِنْ رَبِّهِ قُلْتُ: فَمَا أَنْتَ. قَالَ: سَجَّانٌ سَجَنْتُ سَبْعًا مِنَ السِّبَاعِ قُلْتُ: مَا هُوَ قَالَ: لِسَانِي سَبْعٌ ضَارٌّ إِنْ سَيَّبْتُهُ مَزَّقَ النَّاسَ يَا حَنِيفِيُّ إِنَّ لِلَّهَ عِبَادًا صُمًّا سَمْعًا وَبُكْمًا نُطْقًا وَعُمْيًا بَصَرًا سَلَكُوا خِلَالَ دَارِ الظَّالِمِينَ واسْتَوْحَشُوا مُؤَانَسَةَ الْجَاهِلِينَ وَشَابُوا ثَمَرَةَ الْعِلْمِ بِنُورِ الْأَخْلَاصِ وَقَلَعُوا بِرِيحِ الْيَقِينِ حَتَّى أُرْسُوا بِشَطِّ نُورِ الْإِخْلَاصِ , هُمْ وَاللهِ عِبَادٌ كَحَّلُوا أَعْينَهُمْ بِسَهَرِ اللَّيْلِ فَلَوْ رَأَيْتَهُمْ فِي لَيْلِهِمْ وَقَدْ نَامَتْ عُيونُ الْخَلْقِ وَهُمْ قِيَامٌ عَلَى أَطْوَاقِهِمْ يُنَاجُونَ مَنْ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ , يَا حَنِيفِيُّ عَلَيْكَ بِطَرِيقِهِمْ. قُلْتُ: عَلَى الْإِسْلَامِ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَعْرِفُ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا، وَلَكِنْ عَهْدَ إِلَيْنَا الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَوَصَفَ لَنَا آخِرَ زَمَانِكُمْ فَخَلَّيْتُ الدُّنْيَا , وَإِنَّ دِينَكَ جَدِيدٌ وَإِنْ خَلِقَ. قَالَ بَقِيَّةُ: فَمَا أَتَى عَلَى إِبْرَاهِيمَ شَهْرٌ حَتَّى هَرَبَ مِنَ النَّاسِ "
الصفحة 29