كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)

سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ الْهَرَوِيَّ الصُّوفِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الْهَرَوِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَانَ التَّاهَرْتِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ الْمَرْعَشِيُّ، يَقُولُ: صَحِبْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ بِالْبَادِيَةِ فِي طَرِيقِ الْكُوفَةِ فَكَانَ يَمْشِي وَيَدْرُسُ وَيُصَلِّي عِنْدَ كُلِّ مِيلٍ رَكْعَتَيْنِ فَبَقَيْنَا بِالْبَادِيَةِ حَتَّى بَلِيَتْ ثِيَابُنَا فَدَخَلْنَا الْكُوفَةَ وَآوَيْنَا إِلَى مَسْجِدٍ خَرَابٍ فَنَظَرَ إِلَيَّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ فَقَالَ: «يَا حُذَيْفَةُ» §أَرَى بِكَ الْجُوعَ فَقُلْتُ: مَا رَأَيُ الشَّيْخِ فَقَالَ: عَلَيَّ بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ , فَخَرَجْتُ فَجِئْتُهُ بِهِمَا فَكَتَبَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَنْتَ الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَعْنًى:
[البحر الكامل]
أَنَا حَاضِرٌ، أَنَا ذَاكِرٌ، أَنَا شَاكِرٌ ... أَنَا جَائِعٌ، أَنَا حَاسرٌ، أَنَا عَارِي
هِيَ سِتَّةٌ وَأَنَا الضَّمِينُ، بِنِصْفِهَا ... فَكُنِ الضَّمِينَ لِنِصْفِهَا يَا بَارِي
مَدْحِي لِغَيْرِكَ لَفْحُ نَارٍ خُضْتُهَا ... فَأَجِرْ فَدَيْتُكَ مِنْ دُخُولِ النَّارِ
وَدَفَعَ إِلَيَّ الرُّقْعَةَ وَقَالَ: اخْرُجْ وَلَا تُعَلِّقْ سِرَّكَ بِغَيْرِ اللهِ وَأَعْطِهَا أَوَّلَ مَنْ تَلْقَاهُ فَخَرَجْتُ فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَغْلَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ فَقَرَأَهَا وَبَكَى وَقَالَ: أَيْنَ صَاحِبُ هَذِهِ الرُّقْعَةِ فَقُلْتُ: فِي الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ الْخَرَابِ فَأَخْرَجَ مِنْ كُمِّهِ صُرَّةَ دَنَانِيرَ فَأَعْطَانِي فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ: هُوَ نَصْرَانِيٌّ فَرَجَعْتُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: لَا تَمَسُّهُ فَإِنَّهُ يَجِيءُ السَّاعَةَ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنَّ وَافَى النَّصْرَانِيُّ فَانْكَبَّ عَلَى رَأْسِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: يَا شَيْخُ قَدْ حَسَنُ إِرْشَادُكَ إِلَى اللهِ فَأَسْلَمَ وَصَارَ صَاحِبًا لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى "
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ فِي كِتَابِهِ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ، مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ إِذَا أَصْبَحَ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَإِذَا أَمْسَى يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ: " §مَرْحَبًا بِيَوْمِ الْمَزِيدِ وَالصُّبْحِ الْجَدِيدِ وَالْكَاتِبِ الشَّهِيدِ , يَوْمُنَا هَذَا يَوْمُ عِيدٍ اكْتُبْ لَنَا فِيهِ مَا نَقُولُ: بِسْمِ اللهِ الْحَمِيدِ الْمَجِيدِ الرَّفِيعِ الْوَدُودِ الْفَعَّالِ فِي خَلْقِهِ مَا يرِيدُ. أَصْبَحْتُ بِاللهِ مُؤْمِنًا وَبِلِقَاءِ اللهِ مُصَدِّقًا وَبِحُجَّتِهِ -[39]- مُعْتَرِفًا وَمِنْ ذَنْبِي مُسْتَغْفِرًا وَلِرُبُوبِيَّةِ اللهِ خَاضِعًا وَلِسِوَى اللهِ جَاحِدًا وَإِلَى اللهِ تَعَالَى فَقِيرًا وَعَلَى اللهِ مُتَوَكَّلًا وَإِلَى اللهِ مُنِيبًا أُشْهِدُ اللهَ وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتَهَ وَأَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ وَحَمَلَةَ عَرْشِهِ وَمَنْ خَلَقَ وَمَنْ هُوَ خَالِقٌ بِأَنَّ اللهَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ وَالْحَوْضَ حَقٌّ وَالشَّفَاعَةَ حَقٌّ وَمُنْكَرًا وَنَكِيرًا حَقٌّ وَلِقَاءَكَ حَقٌ وَوَعْدَكَ حَقٌ وَوَعِيدُكَ حَقٌّ وَالسَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ عَلَى ذَلِكَ أَحْيَا وَعَلَيْهِ أَمُوتُ وَعَلَيْهِ أُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ اللهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا رَبَّ لِي إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ اللهُمَّ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ. اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ وَأَنَا لَكَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ آمَنْتُ اللهُمَّ بِمَا أَرْسَلْتَ مِنْ رَسُولٍ وَآمَنْتُ اللهُمَّ بِمَا أَنْزَلْتَ مِنْ كِتَابٍ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا خَاتَمِ كَلَامِي وَمِفْتَاحِهِ وَعَلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ أَجْمَعِينَ آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ اللهُمَّ أَوْرِدْنَا حَوْضَهُ وَاسْقِنَا بِكَأْسِهِ مَشْرَبًا مَرِيًّا سَائِغًا هَنِيًّا لَا نَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَاكِسِينَ وَلَا مُرْتَابِينَ وَلَا مَقْبُوحِينَ وَلَا مَغْضُوبًا عَلَيْنَا وَلَا ضَالِّينَ اللهُمَّ اعْصِمْنِي مِنْ فِتَنِ الدُّنْيَا وَوَفِّقْنِي لِمَا تُحِبُّ مِنَ الْعَمَلِ وَتَرْضَى وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ وَثَبِّتْنِي بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَا تُضِلَّنِي وَإِنْ كُنْتُ ظَالِمًا , سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ , يَا بَارِي , يَا رَحِيمُ , يَا عَزِيزُ , يَا جُبَارُ , سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ السَّمَوَاتُ بِأَكْنَافِهَا , وَسُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ الْجِبَالُ بِأَصْوَاتِهَا , وَسُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ الْبِحَارُ بِأَمْوَاجِهَا , وَسُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ الْحِيتَانُ بِلُغَاتِهَا وَسُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ النُّجُومُ فِي السَّمَاءِ بِأَبْرَاقِهَا , وَسُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ الشَّجَرُ بِأُصُولِهَا وَنَضَارَتِهَا , وَسُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُونَ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهَنَّ وَمَنْ عَلَيْهَنَّ , سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ يَا حَيُّ يَا حَلِيمُ سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ "

الصفحة 38