كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَغْدَادِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ، أَوَّلًا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ الْعُثْمَانَيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الشَّامِيُّ , ثنا أَبُو عَقِيلٍ الرُّصَافِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الزَّاهِدُ , قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَقِيقٍ: §كَانَ لِجَدِّي ثَلَاثُمِائَةٍ قَرْيَةٍ يَوْمَ قُتِلَ بِوَاشَكَرْدٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَفَنٌ يُكَفَّنُ فِيهِ، قَدَّمَهُ كُلُّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَثِيَابُهُ وَسَيْفُهُ إِلَى السَّاعَةِ مُعَلَّقٌ، يَتَبَرَّكُونَ بِهِ قَالَ: وَقَدْ كَانَ خَرَجَ إِلَى بِلَادِ التُّرْكِ لِتِجَارَةٍ وَهُوَ حَدَّثَ إِلَى قَوْمٍ يُقَالُ لَهُمُ الْخَصُوصِيَّةُ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ فَدَخَلَ إِلَى بَيْتِ أَصْنَامِهِمْ وَعَالِمِهِمْ فِيهِ حَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَلَبِسَ ثِيَابًا حَمْرَاءَ أُرْجُوانِيَّةً , فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيهِ بَاطِلٌ وَلِهَؤُلَاءِ وَلَكَ وَلِهَذَا الْخَلْقِ خَالِقٌ وَصَانِعٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَازِقٌ كُلَّ شَيْءٍ فَقَالَ لَهُ الْخَادِمُ: لَيْسَ يوَافِقُ قَوْلُكَ فِعْلَكَ , فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: كَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: زَعَمَتْ أَنَّ لَكَ خَالِقًا رَازِقًا قَادِرًا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَقَدْ تَغَيَّبَتَ إِلَى هَهُنَا لِطَلَبِ الرِّزْقِ وَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ فَإِنَّ الَّذِي رَزَقَكَ هَهُنَا هُوَ الَّذِي يَرْزُقُكَ ثَمَّ فَتُرِيحُ الْعَنَا قَالَ شَقِيقٌ: وَكَانَ سَبَبُ زهدي كَلَامَ التُّرْكِيِّ , فَرَجَعَ فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا مَلَكَ وَطَلَبَ الْعِلْمَ "
حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَخْلَدٍ , ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ , ثنا الْمُثَنَّى بْنُ جَامِعٍ , قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ , يَقُولُ: " §كُنْتُ رَجُلًا شَاعِرًا فَرَزَقَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْبَةَ , وَإِنِّي خَرَجْتُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُنْتُ مُرَابَيًا وَلَبِسْتَ الصُّوفَ عِشْرِينَ سَنَةً وَأَنَا لَا أَعْلَمُ حَتَّى لَقِيتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ رَوَّادٍ فَقَالَ: يَا شَقِيقُ لَيْسَ الْبَيَانُ فِي أَكَلِ الشَّعِيرِ وَلَا لِبَاسِ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ الْبَيَانُ: الْمَعْرِفَةُ أَنْ تَعْرِفَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ , تَعْبُدَهُ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَالثَّانِيَةُ الرِّضَا عَنِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ وَالثَّالِثَةُ تَكُونُ بِمَا فِي يَدِ اللهِ أَوْثَقُ مِنْكَ بِمَا فِي أَيْدِي الْمَخْلُوقِينَ. قَالَ شَقِيقٌ: فَقُلْتُ لَهُ: فَسِّرْ لِي هَذَا حَتَّى أَتَعَلَّمَهُ قَالَ: أَمَّا تَعْبُدُ اللهَ -[60]- لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا يَكُونُ جَمِيعُ مَا تَعْمَلُهُ لِلَّهِ خَالِصًا مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ عِبَادَةٍ فَرْضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالٍ حَتَّى يَكُونَ لِلَّهِ خَالِصًا ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةِ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]
الصفحة 59