كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)
وَقَالَ: سَمِعْتُ شَقِيقًا الْبَلْخِيَّ، يَقُولُ: «§عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ أَرْبَعَةُ حُجُبٍ إِذَا أَيْسَرَ لَمْ يَفْرَحْ. وَإِنِ افْتَقَرَ لَمْ يَحْزَنْ وَكَانَ فِي الْأَمْرَيْنِ سَوَاءٌ فَقَدْ هَتَكَ سِتْرَيْنِ , فَعِنْدَ هَذَا لَا يَسْتَقِرُ الْخَيْرُ وَالْحِكْمَةُ فِي قَلْبِهِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَصْلَتَانِ يَتْرُكُ فُضُولَ الشَّيْءِ وَفُضُولِ الْكَلَامِ , فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ دَخَلَ قَلْبَهُ الْحِكْمَةُ وَنَطَقَ بِهَا لِسَانُهُ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ شَقِيقًا، يَقُولُ: «§أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ قَدْ سَتَرْتُ عَلَى الْعِبَادِ أَمْرُ الْآخِرَةِ خَوْفُ الْفَقْرِ سِتْرُ خَوْفِ جَهَنَّمَ , وَأَيُّ شَيْءٍ يَقُولُ لِي النَّاسُ سُتِرَ عَنْهُ أَيُّ شَيْءٍ , يَقُولُ لِي الرَّبُّ إِذَا فَعَلْتَ هَذَا وَسَتَرَ حُبُّ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا حُبَّ الْآخِرَةِ وَسَتَرَ حُبُّ نِعْمَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَغُرُورَهَا وَشَهَوَاتِهَا وَظَاهَرَهَا مَا تَرَى مِنْ حُسْنِهَا عَنْ نَعِيمِ الْآخِرَةِ وَمَا أُعِدَّ لَهُ فِيهَا»
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ , ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا , قَالَ: قَالَ أَبُو تُرَابٍ: سَمِعْتُ حَاتِمًا الْأَصَمَّ , يَقُولُ: قَالَ شَقِيقٌ: " §إِذَا ظَهْرَ الْفَسَادُ فِي البَّرِّ وَالْبَحْرِ لَا يَكُونُ شَيْءٌ أَغْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: التَّزْوِيجُ لِلْغَلَبَةِ , وَالْبَيْتُ لِلْعِدَّةِ وَالضِّيَافَةُ بِالسُّنَّةَ وَالْجِهَادُ بِلَا طَمَعٍ وَلَا رِيَاءً. قَالَ: تَفْسِيرُ التَّزْوِيجِ لِلْغَلَبَةِ رَجُلٌ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ فِي الْحَرَامِ فَيَتَزَوَّجُ , وَتَفْسِيرُ الْبَيْتِ لِلْعِدَّةِ أَنْ تَبْنِي بَيْتًا يَمْنَعُكَ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلَا تَضْرِبُ وَتَدًا عَلَى الْبَيْتِ حَتَّى تَنْظُرَ قَبْلَ الضَّرْبِ فَيَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى رِضًى كَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ مَا كَانَ لِلَّهِ رِضًى فَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَاحْذَرْهُ وَتَفْسِيرُ الضِّيَافَةِ بِالسُّنَّةَ لَا تُدْخِلْ بَيْتَكَ رَجُلًا يَسْتَحِي مِنَ الْحَلَالِ وَيَحْتَشِمُ مِنْهُ فَيَكُونُ فِي بَيْتِكِ خُبْزٌ مَكْسُورٌ فَاسْتَحْيَيْتَ مِنَ الرَّجُلِ أَنْ تُقَدِمُهُ إِلَيْهِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَثَرِ مَنْ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَؤُنَتُهُ وَقَلَّ كِبْرِيَاؤُهُ وَمَنْ يَسْتَحِي مِنَ الْحَلَالِ فَهُوَ مُتَكَبِّرٌ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى , قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَلْخِيَّ , -[69]- يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ اللَّيْثِ , يَقُولُ: سَمِعْتُ حَامِدًا , يَقُولُ: سَمِعْتُ حَاتِمًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ شَقِيقًا , يَقُولُ: «§مَنْ خَرَجَ مِنَ النِّعْمَةِ وَوَقَعَ فِي الْقِلَّةِ، فَلَا تَكُونُ الْقِلَّةُ أَعْظَمَ عِنْدَهُ مِنَ النِّعْمَةِ فَهُوَ فِي غَمَّيْنِ، غَمٍّ فِي الدُّنْيَا وَغَمٍّ فِي الْآخِرَةِ , وَمَنْ خَرَجَ مِنَ النِّعْمَةِ وَوَقَعَ فِي الْقِلَّةِ وَكَانَتِ الْقِلَّةُ أَعْظَمَ عِنْدَهُ مِنَ النِّعْمَةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا كَانَ فِي فَرَحَيْنِ، فَرَحِ الدُّنْيَا وَفَرَحِ الْآخِرَةِ»
الصفحة 68