كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي عَاصِمٍ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا تُرَابٍ الزَّاهِدَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ حَاتِمًا الْأَصَمُّ , يَقُولُ: قَالَ لِي شَقِيقٌ الْبَلْخِيُّ: «§اصْحَبِ النَّاسَ كَمَا تَصْحَبُ النَّارَ خُذْ مَنْفَعَتَهَا وَاحْذَرْ أَنْ تُحْرَقَكَ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا , ثنا أَبُو تُرَابٍ , قَالَ: قَالَ حَاتِمٌ الْأَصَمُّ: «§الْحُزْنُ عَلَى وَجْهَيْنِ , حَزَنٌ لَكَ وَحَزَنٌ عَلَيْكَ , فَأَمَّا الَّذِي عَلَيْكَ فَكُلُّ شَيْءٍ فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا فَتَحْزَنُ عَلَيْهِ , فَهَذَا عَلَيْكَ وَكُلُّ شَيْءٍ فَاتَكَ مِنَ الْآخِرَةِ وَتَحْزَنُ عَلَيْهِ فَهُوَ لَكَ. تَفْسِيرُهُ إِذَا كَانَ مَعَكَ دِرْهَمَانِ فَسَقَطَا مِنْكَ وَحَزِنْتَ عَلَيْهِمَا فَهَذَا حُزْنٌ لِلدُّنْيَا وَإِذَا خَرَجَتْ مِنْكَ زَلَّةٌ أَوْ غِيبَةٌ أَوْ حَسَدٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا تَحْزَنُ عَلَيْهِ وَتَنْدَمُ فَهُوَ لَكَ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا أَبُو تُرَابٍ , قَالَ: قَالَ حَاتِمٌ: «§إِذَا رَأَيْتُمْ مِنَ الرَّجُلِ ثَلَاثَ خِصَالٍ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالصِّدْقِ , إِذَا كَانَ لَا يُحِبُّ الدَّرَاهِمَ وَيَسْكُنُ قَلْبُهُ بِهَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ , وَيَعْزِلُ قَلْبَهُ مِنَ النَّاسِ»
وَقَالَ حَاتِمٌ: " §إِذْا تَصَدَّقْتَ بِالدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَكَ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ أَمَّا وَاحِدٌ فَلَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْطِيَ وَتَطْلُبَ الزِّيَادَةَ وَلَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْطِيَ مِنْ مَلَامَةِ النَّاسِ , وَلَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَى صَاحِبِهِ , وَلَا يَنْبَغِي لَكَ إِذَا كَانَ عِنْدَكَ دِرْهَمَانِ فَتُعْطَى وَاحِدًا تَأْمَنُ هَذَا الَّذِي بَقِيَ عِنْدَكَ , وَلَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْطِيَ تَبْتَغِي الثَّنَاءَ , وَقَالَ: مَثَلُهُمَا مَثُلُ رَجُلٍ يَكُونُ لَهُ دَارٌ فِيهَا غَنْمٌ لَهُ وَلِلدَّارِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ , وَخَارِجُ الدَّارِ ذِئْبٌ يَدُورُ حَوْلَهَا , فَإِنْ أَخَذْتَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ وَبَقِيَ وَاحِدٌ دَخَلَ الذِّئْبُ وَقَتْلَ الْغَنَمَ كُلَّهَا وَهَكَذَا إِذَا تَصَدَّقْتَ وَأَرَدْتَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْأَشْيَاءِ شَيْئًا وَاحِدًا فَقَدْ أَبْطَلْتَ الصَّدَقَةَ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا أَبُو تُرَابٍ , قَالَ: قَالَ حَاتِمٌ الْأَصَمُّ: " §التَّوْبَةُ أَنْ تَتَنَبَّهَ مِنَ الغَفْلَةِ وَتَذْكُرَ الذَّنْبَ وَتَذْكُرَ لُطْفَ اللهِ وَحُكْمَ اللهِ وَسِتْرَ اللهِ إِذَا أَذْنَبْتَ لَمْ تَأْمَنِ الْأَرْضَ وَالسَّمَاءَ أَنْ يَأْخُذَاكَ , فَإِذَا رَأَيْتَ حُكْمَهَ رَأَيْتَ أَنْ تَرْجِعَ مِنَ الذُّنُوبِ مِثْلَ اللَّبَنِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الضَّرْعِ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ فَلَا تَعُدْ إِلَى -[78]- الذَّنْبِ كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ , وَفِعْلُ التَّائِبِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ أَنْ تَحْفَظَ اللِّسَانَ مِنَ الْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ وَالْحَسَدِ وَاللَّغْوِ , وَالثَّانِي أَنْ تُفَارِقَ أَصْحَابَ السُّوءِ , وَالثَّالِثُ إِذَا ذُكِرَ الذَّنْبُ تَسْتَحِي مِنَ اللهِ , وَالرَّابِعُ تَسْتَعِدُ لِلْمَوْتِ. وَعَلَامَةُ الِاسْتِعْدَادِ أَنْ لَا تَكُونَ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ غَيْرَ رَاضٍ مِنَ اللهِ فَإِذَا كَانَ التَّائِبُ هَكَذَا يُعْطِيهِ اللهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ أَوْلُهَا يُحِبُّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ الذَّنْبِ كَأَنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ قَطُّ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» وَالثَّالِثُ يَحْفَظْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَالرَّابِعُ يُؤَمِّنُهُ مِنَ النَّارِ قَبْلَ الْمَوْتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30] وَيَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُحِبُّوا هَذَا التَّائِبَ كَمَا يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى , وَيَدَعُوا لَهُ بِالْحِفْظِ وَيَسْتَغْفِرُوا لَهُ كَمَا تَسْتَغْفِرُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ قَالَ اللهُ تَعَالَى {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر: 7] إِلَخْ وَيَكْرَهُوا لَهُ مَا يَكْرَهُونَ لِأَنْفُسِهِمْ. وَالرَّابِعُ أَنْ يَنْصَحُوا لِلتَّائِبِ كَمَا يَنْصَحُونَ لِأَنْفُسِهِمْ "

الصفحة 77