كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)

حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي طَالِبِ بْنِ سَوَادَةَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ أَبُو سَعِيدٍ الْبَكَّاءُ , حَدَّثَنِي جَامِعُ بْنُ أَعْيَنَ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فَأَصَابَنَا ثَلْجٌ كَثِيرٌ حَتَّى غَلَبَ عَلَى الْخَيْلِ وَالْأَخْبَيَةِ فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ فَالْتَفَّ بِعَبَاءَةٍ وَأَلْقَى نَفْسَهُ فَرَكِبَهُ الثَّلْجُ وَخَرَجْنَا نَحْنُ هَارِبِينَ مَخَافَةَ أَنْ يَغْمُرَنَا الثَّلْجُ وَتَرَكْنَا رحَالَاتِنَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا الْتَفَتَ بَعْضُنَا فَقَالَ: وَيْحَكُمْ قَدْ أَقْبَلَتْ خَيْلٌ فَبَادَرْنَا إِلَى شَجَرَةٍ نَخْتَبِئُ فِيهَا فَقُلْنَا: الْعَدُوُّ قَدْ جَاءَنَا وَمَعَنَا عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ فَقَالَ عَلِيٌّ: تَثَبَّتُوا انْظُرُوا مَا هَذِهِ الْخَيْلُ فَأَشْرَفَ قَوْمٌ مِنَّا الْجَبَلَ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْحَسَنِ خَيْلٌ أَقْبَلَتْ بِسُرُوجِهَا لَيْسَ عَلَيْهَا رِكَابٌ وَخَلْفَهَا فَارِسٌ يَطْرُدُهَا بِقَنَاتِهِ فَقَالَ عَلِيٌّ: وَيْحَكُمْ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ أَنْزِلُوا لَا نَفْتَضِحُ عِنْدَهُ مَرَّتَيْنِ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ بِالْخَيْلِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ فَرَسًا فَاسْتَقْبَلْنَاهُ , فَقَالَ لَنَا: " §جَاءَتْكُمُ الشَّهَادَةُ فَفَرَرْتُمْ فَقَالَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ: إِنَّهُ دَعَا اللهَ فَجَمَدَ الثَّلْجَ فَأَعَانَهُ عَلَى سَوْقِ الْخَيْلِ "
حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي طَالِبٍ , ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ , قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ أَبِي الْوَلِيدِ , يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ الْفَزَارِيِّ , يَقُولُ: قَدِمَ عَلَيْنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ مَرْعَشٍ وَكَانَ إِذَا جَاءَ نَزَلَ عَلَى أَبِي وَأَنَا صَبِيُّ، فَجَاءَ فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَالَ لِي أَبِي: انْظُرْ مَنْ هَذَا فَخَرَجْتُ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ عَلَيْهِ عَبَاءَةٌ فَفَزِعْتُ مِنْهُ فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ رَجُلٌ مَا أَعْرِفُهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبِي فَلَمَّا رَآهُ اعْتَنَقَهُ ثُمَّ دَخَلَا فَأَخَذَ يحَدِّثُهُ وَوَقَفْتُ أَنا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا فَقَالَ لَهُ أَبِي: §يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ ابْنِيَ هَذَا بَلِيدٌ فِي التَّعَلُمِ فَادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبَّبَ إِلَيْهِ الْعِلْمَ وَأَنْ يَرْزُقَهُ حَلَالًا فَأَقْعَدَنِي فِي حِجْرِهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِي ثُمَّ قَالَ: «اللهُمَّ عَلَّمْهُ كِتَابَكَ وَارْزُقْهُ رِزْقًا حَلَالًا فَعَلَّمَنِي اللهُ تَعَالَى كِتَابَهُ وَجَاءَ سِلْخٌ مِنَ النَّحْلِ فَوَقَعَ فِي مَنْزِلِي فَلَمْ يَزَلْ يَزِيدُ حَتَّى غَلَبَنِي عَلَى تَابُوتِ كُتُبِي»
أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي طَالِبِ بْنِ سَوَادَةَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْعَابِدُ , -[9]- ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، ثنا فَرَّجٌ، مَوْلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ بِصُورَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ أَسْوَدًا , قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ §رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَ الْجَنَّةَ فُتِحَتْ لَهُ فَإِذَا فِيهَا مَدِينَتَانِ إِحْدَاهُمَا مِنْ يَاقُوتَةٍ بَيْضَاءَ وَالْأُخْرَى مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ فَقِيلَ لَهُ: " اسْكُنْ هَاتَيْنِ الْمَدِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا فِي الدُّنْيَا فَقَالَ: مَا اسْمُهُمَا قِيلَ اطْلُبْهُمَا فَإِنَّكَ تَرَاهُمَا كَمَا أُرِيتَهُمَا فِي الْجَنَّةِ " فَرَكِبَ يَطْلُبْهُمَا فَرَأَى رِبَاطَاتٍ خُرَاسَانَ , فَقَالَ: يَا فَرَّجُ مَا أُرَاهُمَا ثُمَّ جَاءَ إِلَى قَزْوِينَ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْمَصِيصَةِ وَالثُّغُورِ حَتَّى أَتَى السَّاحِلَ فِي نَاحِيَةٍ صُورٍ فَلَمَّا صَارَ بِالنَّوَاقِيرِ وَهِيَ نَوَاقِيرُ نَقَرَهَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى جَبَلٍ عَلَى الْبَحْرِ فَلَمَّا صَعِدَ عَلَيْهَا رَأَى صُورًا فَقَالَ: يَا فَرَّجُ هَذِهِ إِحْدَى الْمَدِينَتَيْنِ , فَجَاءَ حَتَّى نَزَلَهَا فَكَانَ يَغْزُو مَعَ أَحْمَدَ بْنِ مَعْيُوفٍ فَإِذَا رَجَعَ نَزَلَ يُمْنَةَ الْمَسْجِدِ فَغَزَا غَزْوَةً فَمَاتَ فِي الْجَزِيرَةِ فَحُمِلَ إِلَى صُورٍ فَدُفِنَ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ مَدْفَلَةُ فَأَهْلُ صُورٍ يَذْكُرُونَهُ فِي تَشْبِيبِ أَشعَارِهِمْ وَلَا يَرِثُونَ مَيِّتًا إِلَّا بَدَأُوا أَوَّلًا بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قَدْ رَأَيْتُ قَبْرَهُ بِصُورٍ , وَالْمَدِينَةُ الْأُخْرَى عَسْقَلَانُ "

الصفحة 8