كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَذَّاءُ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ , قَالَ: بَلَغَ فُضَيْلًا أَنَّ جَرِيرًا يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَهُ , قَالَ: فَأَقْفَلَ الْبَابَ مِنْ خَارِجٍ فَجَاءَ جَرِيرٌ فَرَأَى الْبَابَ مُقْفَلًا فَرَجَعَ , قَالَ عَلِيٌّ: فَبَلَغَنِي ذَلِكَ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: جَرِيرٌ , فَقَالَ: §مَا تَصْنَعُ بِي وَظَهَرَ لِي مَحَاسِنُ كَلَامِهِ وَأَظْهَرْتُ لَهُ مَحَاسِنَ كَلَامِي فَلَا يَتَزَيَّنُ لِي وَلَا أَتَزَيَّنُ لَهُ خَيْرٌ لَهُ "
قَالَ عَلِيٌّ: مَا رَأَيْتُ أَخْوَفَ مِنْهُ وَلَا أَنْصَحَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْهُ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ قَائِمًا عَلَى صُنْدُوقٍ وَهُوَ يُعْطِي الْمَصَاحِفَ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ فِيهِمْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , وَهَارُونُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا رَأَيْتُهُ يُوَدِّعُ أَحَدًا فَيَقْدِرُ أَنْ يُتِمَّ وَدَاعَهُ , وَلَقَدْ وَدَّعَ جَرِيرًا أَتَاهُ بَعْدَ الظُّهْرِ فَوَدَّعَهُ , فَقَالَ فُضَيْلٌ لِجَرِيرٍ: §أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقُوا} [النحل: 128] خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ فَتَرَكَ يَدَهُ فَمَضَى فَمَا زَالَ يَنْشِجُ مِنْ مَوْضِعِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ "
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: §لَقَدْ أَصَابَتْنَا بِالْكُوفَةِ مَجَاعَةٌ فَكَانَ عَلِيٌّ يَتَصَدَّقُ بِطَعَامِهِ حَتَّى يَحُزَ وَلَقَدْ كَانَ يَقْرَأُ الْآيَةَ وَهُوَ يَؤُمُّهُمْ بِالْكُوفَةِ فَيُخْفِيهَا مِنْ أَجْلِهِ "
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا سَلَمَةُ بْنُ غِفَارٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ , قَالَ: بَيْنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذَا رَجُلٌ يَمُدُّ ثَوْبِي مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُ فَإِذَا بِفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ فَقَالَ: «§لَوْ شَفَعَ فِيَّ وَفِيكَ أَهْلُ السَّمَاءِ كُنَّا أَهْلًا أَنْ لَا يُشْفَعُ فِينَا» قَالَ شُعَيْبٌ: وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ , قَالَ: فَكَسَرَنِي وَتَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ , ثنا أَحْمَدُ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَانِشِيُّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ , قَالَ: «§مَا أَغْبِطُ مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا يُعَايِنُ الْقِيَامَةَ وَأَهْوَالَهَا وَمَا أَغْبِطُ إِلَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا»
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا الْفَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ فُضَيْلًا , يَقُولُ: «§لَيْسَتِ الدَّارُ دَارَ إِقَامَةٍ وَإِنَّمَا أُهْبِطَ آدَمُ إِلَيْهَا عُقُوبَةً أَلَا تَرَى كَيْفَ يَزْوِيهَا عَنْهُ وَيُمْرِرُ عَلَيْهِ بِالْجُوعِ مَرَّةً وَبِالْعُرْيِ مَرَّةً وَبِالْحَاجَةِ مَرَّةً كَمَا تَصْنَعُ الْوَالِدَةُ الشَّفِيقَةُ بِوَلَدِهَا تَسْقِيهِ مَرَّةً حَضِيضًا وَمَرَّةً صَبْرًا وَإِنَّمَا تُرِيدُ بِذَلِكَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ»
قَالَ: وَقَالَ لِي الْفُضَيْلُ: «§تُرِيدُ الْجَنَّةَ -[91]- مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَتُرِيدُ أَنْ تَقِفَ الْمَوْقِفُ مَعَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِأَيِّ عَمَلٍ وَأَيُّ شَهْوَةٍ تَرَكْتَهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَيُّ قَرِيبٍ بَاعَدْتَهُ فِي اللهِ وَأَيُّ بَعِيدٍ قَرَّبْتَهُ فِي اللهِ»
الصفحة 90