كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)

قَالَ: وَسَمِعْتُ فُضَيْلًا، يَقُولُ: " §لَا يَتْرُكُ الشَّيْطَانُ الْإِنْسَانَ حَتَّى يَحْتَالَ لَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ فَيَسْتَخْرِجُ مِنْهُ مَا يُخْبِرُ بِهِ مِنْ عَمَلِهِ لَعَلَّهُ يَكُونُ كَثِيرَ الطَّوَافِ , فَيَقُولُ: مَا كَانَ أَحْلَى الطَّوَافَ اللَّيْلَةَ أَوْ يَكُونُ صَائِمًا فَيَقُولُ مَا أَثْقَلَ السَّحُورَ أَوْ مَا أَشَدَّ الْعَطَشَ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَكُونَ مُحَدِّثًا وَلَا مُتَكَلِّمًا وَلَا قَارِئًا وَإِنْ كُنْتَ بَلِيغًا قَالُوا: مَا أَبْلَغَهُ وَأَحْسَنَ حَدِيثَهُ وَأَحْسَنَ صَوْتَهُ فَيُعْجِبُكَ ذَلِكَ فَتَنْتَفِخُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَلِيغًا وَلَا حَسَنَ الصَّوْتِ قَالُوا لَيْسَ يُحْسِنُ يُحَدِّثُ وَلَيْسَ صَوْتُهُ بِحَسَنٍ أَحْزَنَكَ وَشَقَّ عَلَيْكَ فَتَكُونَ مُرَائِيًا وَإِذَا جَلَسْتَ فَتَكَلَّمَتَ وَلَمْ تُبَالِ مَنْ ذَمَّكَ وَمَنْ مَدَحَكَ مِنَ اللهِ فَتَكَلَّمَ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ , ثنا الْوَلِيدُ بْنُ أَبَانَ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ، قَالَ: قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: «§لَا يَسْلَمُ لَكَ قَلْبُكَ حَتَّى لَا تُبَالِي مِنْ كُلِّ الدُّنْيَا»
وَقِيلَ لِلْفُضَيْلِ: §مَا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: «الْقِنْعُ وَهُوَ الْغِنَى» وَقِيلَ: مَا الْوَرَعُ؟ قَالَ: «اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ». وَسُئِلَ مَا الْعِبَادَةُ؟ قَالَ: أَدَاءُ الْفَرَائِضِ. وَسُئِلَ عَنِ التَّوَاضُعِ، قَالَ: أَنْ تَخْضَعَ، لِلْحَقِّ وَقَالَ: أَشَدُّ الْوَرَعِ فِي اللِّسَانِ وَقَالَ: التَّعْبِيرُ كُلُّهُ بِاللِّسَانِ لَا بِالْعَمَلِ. وَقَالَ: جَعَلَ الْخَيْرَ كُلَّهُ فِي بَيْتٍ وَجَعَلَ مُفْتَاحَهُ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا وَقَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا عَصَانِي مَنْ يَعْرِفُنِي سَلَّطْتُ عَلَيْهِ مَنْ لَا يَعْرِفُنِي "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَزِيدَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ , قَالَ: سَأَلْتُ الْفُضَيْلِ: مَا التَّوَاضُعُ؟ قَالَ: " §أَنْ تَخْضَعَ لِلْحَقِّ وَتَنْقَادُ لَهُ وَلَوْ سَمِعْتَهُ مِنْ صَبِيٍّ قَبَلْتَهُ مِنْهُ وَلَوْ سَمِعْتَهُ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ قَبَلْتَهُ مِنْهُ. وَسَأَلْتُهُ: مَا الصَّبْرُ عَلَى الْمُصِيبَةِ؟ قَالَ: أَنْ لَا تَبُثَّ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو يَعْلَى , ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ الْبَغْدَادِيُّ , وَلَقَّبَهُ مَنْ دَوَّنَهُ قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ , يَقُولُ: " §لَوْ أَنَّ لِيَ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً مَا صَيَّرْتُهَا إِلَّا فِي الْإِمَامِ قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا أَبَا عَلِيٍّ؟ قَالَ: مَتَى مَا صَيَّرْتُهَا فِي نَفْسِي لَمْ تُجْزِنِي وَمَتَى صَيَّرْتُهَا فِي الْإِمَامِ فَصَلَاحُ الْإِمَامِ صَلَاحُ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ قِيلَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا أَبَا عَلِيٍّ فَسِّرْ لَنَا هَذَا قَالَ: أَمَّا صَلَاحُ الْبِلَادِ فَإِذَا أَمِنَ النَّاسُ -[92]- ظَلَمَ الْإِمَامِ عَمَّرُوا الْخَرَابَاتِ وَنَزَلُوا الْأَرْضَ وَأَمَّا الْعِبَادُ فَيَنْظُرُ إِلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ فَيَقُولُ: قَدْ شَغَلَهُمْ طَلَبُ الْمَعِيشَةَ عَنْ طَلَبِ مَا يَنْفَعُهُمْ مِنْ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ فَيَجْمَعُهُمْ فِي دَارٍ خَمْسِينَ خَمْسِينَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: لَكَ مَا يُصْلِحُكَ وَعَلِّمْ هَؤُلَاءِ أَمْرَ دِينِهِمْ وَانْظُرْ مَا أَخْرَجَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ فِيهِمْ مِمَّا يُزَكِّي الْأَرْضَ فَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَكَانَ صَلَاحُ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ " فَقَبَّلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ جَبْهَتَهُ , وَقَالَ: يَا مُعَلِّمَ الْخَيْرِ مَنْ يُحْسِنُ هَذَا غَيْرُكَ

الصفحة 91