كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 8)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا أَبُو يَعْلَى , ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ , قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ , يَقُولُ: " §إِنَّمَا هُمَا عَالِمَانِ عَالِمُ دُنْيَا وَعَالِمُ آخِرَةَ فَعَالِمُ الدُّنْيَا عِلْمُهُ مَنْشُورٌ وَعَالِمُ الْآخِرَةِ عِلْمُهُ مَسْتُورٌ فَاتَّبِعُواعَالِمَ الْآخِرَةِ , وَاحْذَرُوا عَالِمَ الدُّنْيَا لَا يَصُدَّكُمْ بِسُكْرِهِ , ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [التوبة: 34] الْآيَةَ تَفْسِيرُ الْأَحْبَارِ الْعُلَمَاءُ. وَالرُّهْبَانُ الْعُبَّادُ "
ثُمَّ قَالَ الْفُضَيْلُ: «إِنَّ §كَثِيرًا مِنْ عُلَمَائِكُمْ زِيُّهُ أَشْبَهُ بِزِيِّ كِسْرَى وَقَيْصَرٍ مِنْهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَضَعْ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلَا قَصَبَةً عَلَى قَصَبَةٍ لَكِنْ رُفِعَ لَهُ عَلَمٌ فَسَمَوْا إِلَيْهِ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ الْفُضَيْلَ يَقُولُ: «§الْعُلَمَاءِ كَثِيرٌ وَالْحُكَمَاءُ قَلِيلٌ , وَإِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الْعِلْمِ الْحِكْمَةَ فَمَنْ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِي خَيْرًا كَثِيرًا»
وَقَالَ: «§لَوْ كَانَ مَعَ عُلَمَائِنَا صَبْرٌ مَا غَدَوْا لِأَبْوَابِ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُلُوكَ»
وَسَمِعْتُ رَجُلًا، يَقُولُ لِلْفُضَيْلِ: الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ: الْفُضَيْلُ: «§الْحُكَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ»
وَقَالَ رَجُلٌ لِلْفُضَيْلِ: الْعُلَمَاءُ كَثِيرٌ فَقَالَ الْفُضَيْلُ: «§الْحُكَمَاءُ قَلِيلٌ»
وَسَمِعْتُ الْفُضَيْلَ، يَقُولُ: «§حَامِلُ الْقُرْآنِ حَامِلُ رَايَةِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَلْغُوَ مَعَ مَنْ يَلْغُو وَلَا أَنْ يَلْهُوَ مَعَ مَنْ يَلْهُو وَلَا يَسْهُوُ مَعَ مَنْ يَسْهُو وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ إِلَى الْخَلْقِ حَاجَةٌ لَا إِلَى الْخُلَفَاءِ , فَمَنْ دُونَهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَوَايِجُ الْخَلْقِ إِلَيْهِ»
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ , ثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ , يَقُولُ: " §مَا مِنْ لَيْلَةٍ اخْتَلَطَ ظَلَامُهَا وَأَرْخَى اللَّيْلُ سِرْبَالَ سِتْرِهَا إِلَّا نَادَى الْجَلِيلُ جَلَّ جَلَالُهُ -[93]-: مَنْ أَعْظَمُ مِنِّي جُودًا , وَالْخَلَائِقُ لِي عَاصُونَ وَأَنَا لَهُمْ مُرَاقِبٌ , أَكْلَؤُهُمْ فِي مَضَاجِعِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْصُونِي وَأَتَوَلَّى حِفْظَهُمْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يُذْنِبُوا مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ , أَجْوَدُ بِالْفَضْلِ عَلَى الْعَاصِي وَأَتَفَضَّلُ عَلَى الْمُسِيءِ مَنْ ذَا الَّذِي دَعَانِي فَلَمْ أَسْمَعْ إِلَيْهِ أَوْ مَنْ ذَا الَّذِي سَأَلَنِي فَلَمْ أَعْطِهِ أَمْ مَنْ ذَا الَّذِي أَنَاخَ بِبَابِي وَنَحَّيْتُهُ أَنَا الْفَضْلُ وَمِنِّي الْفَضْلُ أَنَا الْجَوَادُ وَمِنِّي الْجُودُ أَنَا الْكَرِيمُ، وَمِنِّي الْكَرْمُ، وَمِنْ كَرَمِي أَنْ أَغْفِرَ لِلْعَاصِي بَعْدَ الْمَعَاصِي وَمِنْ كَرَمِي أَنْ أُعْطِيَ التَّائِبَ كَأَنَّهُ لَمْ يَعْصِنِي , فَأَيْنَ عَنِّي تَهْرَبُ الْخَلَائِقُ وَأَيْنَ عَنْ بَابِي يَتَنَحَّى الْعَاصُونَ "

الصفحة 92