كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 8)
وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ.
قال سعيد بن جبير عن ابن عبّاس: يعني كتابنا.
وعنه أيضا: القط الصحيفة التي أحصت كل شيء.
قال أبو العالية والكلبي: لمّا نزلت في الحاقة فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ «1» ، وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ «2» .
قالوا على جهة الاستهزاء: (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) يعنون كتابنا عجّله لنا في الدّنيا.
قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ.
وقال الحسن وقتادة ومجاهد والسدي: يعني عقوبتنا وما كتب لنا من العذاب.
قال عطاء: قاله النضر بن الحرث، وهو قوله: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ»
وهو الذي قال الله سبحانه سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ «4» قال عطاء: لقد نزلت فيه بضع عشرة آية من كتاب الله عزّ وجلّ.
وقال سعيد بن جبير: يعنون حظنا ونصيبنا من الجنّة التي تقول.
قال الفراء: القطّ في كلام العرب الحظ، ومنه قيل للصك قطّ «5» .
وقال أبو عبيدة والكسائي: القطّ الكتاب بالجوائة.
قال الأعشى:
ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بغبطته يعطي القطوط ويأفق «6»
يعني كتب الجوائز أيّ بفضل وبعلو، يقال فرس أفق وناقة أفقه إذا كانا كريمين، وفضّلا على غيرهما.
وقال مجاهد: قِطَّنا حسابنا، ويقال لكتاب الحساب: قطّ، وأصل الكلمة من الكتابة.
فقال الله سبحانه لنبيه (عليه السلام) : اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ ذا القوة في العبادة إِنَّهُ أَوَّابٌ مطيع.
__________
(1) سورة الحاقة: 19.
(2) سورة الحاقة: 25.
(3) سورة الأنفال: 32.
(4) سورة المعارج: 1.
(5) تفسير القرطبي: 15/ 157، وفتح القدير: 4/ 424.
(6) الصحاح للجوهري: 3/ 1154.