كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 8)

وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ ناعمين فاكهين أشرين بطرين معجبين. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ بني إسرائيل. نظيره قوله: وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ «1» الآية.
فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وذلك إن المؤمن إذا مات بكت عليه السّماء والأرض أربعين صباحا، وقال عطاء: في هذه الآية بكاءها حمرة أطرافها،
وقال السدي: لما قتل الحسين بن علي «رضي الله عنهما» بكت عليه السّماء، وبكاؤها حمرتها «2» .
حدثنا خالد بن خداش، عن حماد بن زيد، عن هشام، عن محمد بن سيرين. قال:
أخبرونا إنّ الحمرة الّتي مع الشفق لم تكن، حتّى قتل الحسين رضي الله عنه «3» .
أخبرنا ابن بكر الخوارزمي، حدثنا أبو العياض الدعولي، حدثنا أبي بكر بن أبي خثيمة، وبه عن أبي خثيمة، حدثنا أبو سلمة، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا سليم القاضي، قال: مطرنا دما أيام قتل الحسين «4» .
أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه، حدثنا أبو علي المقري، حدثنا أبو بكر الموصلي، حدثنا أحمد بن إسحاق البصري، حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا موسى بن عبيدة الرمدني، أخبرني يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي صلّى الله عليه وسلم إنّه قال: «ما من عبد إلّا له في السّماء بابان:
باب يخرج منه رزقه، وباب يدخل منه عمله وكلامه، فإذا مات فقداه وبكيا عليه وتلا هذه الآية:
فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ» «5» ، وذلك إنّهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملا صالحا تبكي عليهم، ولم يصعد إلى السّماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي.
أخبرنا عقيل بن محمد: إنّ المعافا بن زكريا أخبره، عن محمد بن جرير، حدثنا يحيى بن طلحة، حدثنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمر، عن شريح بن عبيد الحضرمي: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، ألّا لا غربة على مؤمن، ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه، إلّا بكت عليه السّماء والأرض» . ثمّ قرأ رسول الله (عليه السلام) : فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ، ثمّ قال: «إنّهما لا تبكيان على الكافر» [214] «6» .
وَما كانُوا مُنْظَرِينَ وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ قتل الأبناء واستحياء
__________
(1) سورة الأعراف: 137.
(2) تفسير الطبري: 25/ 160 ح 24072، وتفسير القرطبي: 16/ 141.
(3) تفسير القرطبي: 16/ 141، والصواعق المحرقة: 194.
(4) المصدر السابق، وذخائر العقبي: 145، والجرح والتعديل للرازي: 4/ 216 رقم 941.
(5) تفسير ابن كثير: 4/ 153.
(6) الدر المنثور: 6/ 30.

الصفحة 353