كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 8)
إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ وهو الماء الّذي قال الله تعالى: يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ «1» ثمّ يقال له: ذُقْ هذا العذاب. إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ في قومك. الْكَرِيمُ بزعمك، وذلك إنّ أبا جهل. قال: ما بين حبليها رجل أعز ولا أكرم مني. فيقول له الخزنة هذا على طريق الاستخفاف والتحقيق.
وقراءة العامة إِنَّكَ بكسر الألف على الابتداء، وقرأ الكسائي بالنصب على معنى لأنّك.
إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ تشكون ولا تؤمنون به فقد لقيتموه فذوقوه. إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ قرأ أهل المدينة والشام بضم (الميم) من المقام على المصدر أي في إقامة، وقرأ غيرهم بالفتح أي في مكان كريم.
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وهو ما رقّ من الديباج. وَإِسْتَبْرَقٍ وهو ما غلظ منه معرّب. مُتَقابِلِينَ كَذلِكَ وكما أكرمناهم بالجنان والعيون واللباس كذلك أكرمناهم بأن. وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ وهي النساء النقيات البياض، قال مجاهد: يحار فيهن الطرف من بياضهنّ وصفاء لونهنّ، بادية سوقهنّ من وراء ثيابهنّ، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون.
ودليل هذا التأويل إنّها في حرف ابن مسعود (بعيس عين) وهي البيض ومنه قيل للإبل البيض عيس، وواحده بعير أعيس، وناقة عيساء، وقيل: الحور الشديدات بياض الأعين، الشديدات سوادها، واحدها أحور، والعين جمع العيناء، وهي العظيمة العينين.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الله الطبري الحاجّي، حدثنا أبو علي الحسن ابن إسماعيل بن خلف الخياط، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن الفرج، حدثنا محمد بن عبيد بن عبد الملك، حدثنا محمد بن يعلي أبو علي الكوفي، حدثنا عمر بن صبيح، عن مقاتل بن حيان، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «مهور الحور العين قبضات التمر وفلق الخبز» [217] «2» .
أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، حدثنا محمد بن عمر بن إسحاق، عن حبش، حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، حدثنا أيوب بن علي- يعني الصباحي- حدثنا زياد بن سيار- مولى لي- عن عزة بنت أبي قرصافة، عن أبيها قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إخراج القمامة من المسجد مهور الحور العين» [218] «3» .
يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ اشتهوها. آمِنِينَ من نفادها وعدمها في بعض الأزمنة ومن
__________
(1) سورة الحج: 19.
(2) تفسير القرطبي: 16/ 153.
(3) تفسير القرطبي: 16/ 153.
الصفحة 356
368