كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 8)

في الأسواق. وقال عكرمة: أخبرت أنّه كان في الحرف الأوّل: وهو أبوهم.
أخبرني أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري قال: أخبرني أبو بكر بن مالك القطيعي، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبي قال: أخبرني أبو عامر وشريح قالا: قال [فليح] بن سليمان، عن هلال بن علي عن عبد الرحمن بن أبي عميرة، عن النبيّ صلّى الله عليه، قال: «ما من مؤمن إلّا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤا إن شئتم النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فأيّما مؤمن هلك «1» وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، وإن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فإنّي أنا مولاه» [5] «2» .
وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ يعني كأمّهاتهم في الحرمة، نظيره قوله تعالى: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ «3» أي كالسماوات، وإنّما أراد الله تعالى تعظيم حقّهن وحرمتهن، وإنّه لا يجوز نكاحهن لا في حياة النبيّ صلّى الله عليه إن طلّق ولا بعد وفاته، هنّ حرام على كلّ مؤمن كحرمة أمّه، ودليل هذا التأويل أنّه لا يحرم على الولد رؤية الأمّ، وقد حرّم الله رؤيتهنّ على الأجنبيين، ولا يرثنّهم ولا يرثونهنّ، فعلموا أنّهن أمّهات المؤمنين من جهة الحرمة، وتحريم نكاحهنّ عليهم.
روى سفيان، عن خراش، عن الشعبي، عن مسروق قال: قالت امرأة لعائشة: يا أمّاه، فقالت: أنا لست بأمّ لك إنّما أنا أمّ رجالكم.
قوله: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ يعني في الميراث.
قال قتادة: كان المسلمون يتوارثون بالهجرة، وكان لا يرث الأعرابي المسلم من المهاجر شيئا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وخلط المؤمنين بعضهم ببعض فصارت المواريث بالملك والقرابات.
وقال الكلبي: آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين الناس، وكان يؤاخي بين الرجلين، فإذا مات أحدهما ورثه الباقي منهما دون عصبته وأهله، فمكثوا بذلك ما شاء الله حتّى نزلت هذه الآية:
وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الذين آخى رسول الله بينهم وَالْمُهاجِرِينَ فنسخت هذه الآية الموارثة بالمؤاخاة والهجرة، وصارت للأدنى فالأدنى من القرابات
، وقيل: أراد إثبات الميراث بالإيمان والهجرة.
ثمّ قال: إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً يعني: إلّا أن توصوا لذوي قرابتكم من
__________
(1) في المصدر: مات. [.....]
(2) مسند أحمد: 2/ 334، وصحيح البخاري: 3/ 85 ط. اسلامبول 1401 هـ.
(3) سورة آل عمران: 133.

الصفحة 9