كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 8)

§زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشِ بْنِ رِيَابِ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ صَبِرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَبِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " قَدِمَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَكَانَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ مِمَّنْ هَاجَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةً فَخَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَرْضَاهُ لِنَفْسِي وَأَنَا أَيِّمُ قُرَيْشٍ، قَالَ: «§فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُهُ لَكِ» فَتَزَوَّجَهَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَيْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ يَطْلُبُهُ وَكَانَ زَيْدٌ إِنَّمَا يُقَالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَرُبَّمَا فَقْدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم السَّاعَةَ، فَيَقُولُ: «أَيْنَ زَيْدٌ؟» فَجَاءَ مَنْزِلَهُ يَطْلُبُهُ فَلَمْ يَجِدْهُ وَتَقُومُ إِلَيْهِ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ زَوْجَتُهُ فَضْلًا فَأَعْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَنْهَا فَقَالَتْ: لَيْسَ هُوَ هَاهُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَادْخُلْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَدْخُلَ وَإِنَّمَا عَجَّلَتْ زَيْنَبُ أَنْ تَلْبَسَ لَمَّا قِيلَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَلَى الْبَابِ فَوَثَبَتْ عَجْلَى فَأَعْجَبَتْ رَسُولَ اللَّهِ فَوَلَّى وَهُوَ يُهَمْهِمُ بِشَيْءٍ لَا يَكَادُ يُفْهَمُ مِنْهُ إِلَّا رُبَّمَا أَعْلَنَ: «§سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ مُصَرِّفِ الْقُلُوبِ» فَجَاءَ زَيْدٌ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَتَى مَنْزِلَهُ، فَقَالَ زَيْدٌ: أَلَا قُلْتِ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ، قَالَتْ: قَدْ عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَأَبَى، قَالَ: فَسَمِعْتِ شَيْئًا؟ قَالَتْ: سَمِعْتُهُ حِينَ وَلَّى تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ وَلَا أَفْهَمُهُ وَسَمِعْتُهُ، يَقُولُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ مُصَرِّفِ -[102]- الْقُلُوبِ» فَجَاءَ زَيْدٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنِي أَنَّكَ جِئْتَ مَنْزِلِي فَهَلَّا دَخَلْتَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَعَلَّ زَيْنَبَ أَعْجَبَتْكَ فَأُفَارِقُهَا، فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ» فَمَا اسْتَطَاعَ زَيْدٌ إِلَيْهَا سَبِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَيَأْتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَيُخْبِرُهُ فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ» فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُفَارِقُهَا فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ: «احْبِسْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ» فَفَارَقَهَا زَيْدٌ وَاعْتَزَلَهَا وَحَلَّتْ يَعْنِي انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، قَالَ: فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ جَالِسٌ يَتَحَدَّثُ مَعَ عَائِشَةَ إِلَى أَنْ أَخَذَتْ رَسُولَ اللَّهِ غَشْيَةٌ فَسُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَتَبَسَّمُ وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ يَذْهَبُ إِلَى زَيْنَبَ يُبَشِّرُهَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَنِيهَا مِنَ السَّمَاءِ؟» وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] الْقِصَّةَ كُلَّهَا قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ لِمَا يَبْلُغُنَا مِنْ جَمَالِهَا وَأُخْرَى هِيَ أَعْظَمُ الْأُمُورِ وَأَشْرَفُهَا مَا صُنِعَ لَهَا زَوَّجَهَا اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ وَقُلْتُ: هِيَ تَفْخَرُ عَلَيْنَا بِهَذَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَتْ سَلْمَى خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم تَشْتَدُّ فَتُحَدِّثُهَا بِذَلِكَ فَأَعْطَتْهَا أَوْضَاحًا عَلَيْهَا

الصفحة 101