كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 8)

فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ؟» قُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَانْظُرْ مَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ فَادْعُهُمْ» ، قَالَ: فَدَعَوْتُ حَتَّى امْتَلَأَتِ الْحُجْرَةُ، فَقَالَ: " هَلْ بَقِيَ مِنْ أَحَدٍ؟، قُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «هَلُمَّ التَّوْرَ» ، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ فِيهِ وَغَمَزَهُ، وَقَالَ لِلنَّاسِ: «كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ» ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى التَّمْرِ يَرْبُو أَوْ إِلَى السَّمْنِ كَأَنَّهُ عُيُونٌ تَنْبُعُ حَتَّى أَكَلَ كُلُّ مَنْ فِي الْبَيْتِ وَمَنْ فِي الْحُجْرَةِ وَبَقِيَ فِي التَّوْرِ قَدْرُ مَا جِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ عِنْدَ زَوْجَتِهِ ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى أُمِّي لِأُعْجِبَهَا مِمَّا رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: لَا تَعْجَبْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ كُلُّهُمْ لَأَكَلُوا، فَقُلْتُ لِأَنَسٍ: كَمْ تَرَاهُمْ بَلَغُوا؟ قَالَ: أَحَدًا وَسَبْعِينَ رَجُلًا وَأَنَا أَشُكُّ فِي اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَطْعَمَنَا عَلَيْهَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ حَتَّى امْتَدَّ النَّهَارُ وَخَرَجَ النَّاسُ وَبَقِيَ رَهْطٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَتَبِعْتُهُ فَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ حُجَرَ نِسَائِهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِنَّ فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟، قَالَ: فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ خَرَجُوا أَوْ أُخْبِرَ فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ، فَقَالَ: «§بِالْبَابِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ» ، وَنَزَلَ الْحِجَابُ وَوَعَظَ الْقَوْمَ بِمَا وُعِظُوا بِهِ
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانَ بْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " §أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ آيَةِ الْحِجَابِ. لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم صَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا الْقَوْمَ فَجَاءُوا وَدَخَلُوا وَزَيْنَبُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فِي الْبَيْتِ فَجَعَلُوا يَتَحَدَّثُونَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ وَهُمْ قُعُودٌ، قَالَ: فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ -[106]- فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] . فَقَامَ الْقَوْمُ وَضُرِبَ الْحِجَابُ ".

الصفحة 105