كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 8)

عليه وسلم خَيْبَرَ وَغَنَّمَهُ اللَّهُ أَمْوَالَهُمْ سَبَى صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ وَبِنْتَ عَمٍّ لَهَا مِنَ الْقَمُوصِ فَأَمَرَ بِلَالًا يَذْهَبُ بِهِمَا إِلَى رَحْلِهِ فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم صَفِيُّ مِنْ كُلِّ غَنِيمَةٍ فَكَانَتْ صَفِيَّةُ مِمَّا اصْطَفَى يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَرَضَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم أَنْ يُعْتِقَهَا إِنِ اخْتَارَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَالَتْ: أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَسْلَمَتْ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا مَهْرَهَا وَرَأَى بِوَجْهِهَا أَثَرَ خُضْرَةٍ قَرِيبًا مِنْ عَيْنِهَا، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ قَمَرًا أَقْبَلَ مِنْ يَثْرِبَ حَتَّى وَقَعَ فِي حِجْرِي فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِزَوْجِي كِنَانَةَ، فَقَالَ: «تُحِبِّينَ أَنْ تَكُونِيَ تَحْتَ هَذَا الْمَلِكِ الَّذِي يَأْتِي مِنَ الْمَدِينَةِ؟» فَضَرَبَ وَجْهِي، وَاعْتَدَتْ حَيْضَةً وَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ خَيْبَرَ حَتَّى طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ خَيْبَرَ وَلَمْ يُعَرِّسْ بِهَا، فَلَمَّا قُرِّبَ الْبَعِيرُ لِرَسُولِ اللَّهِ لِيَخْرُجَ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ رِجْلَهُ لِصَفِيَّةَ لِتَضَعَ قَدَمَهَا عَلَى فَخِذِهِ فَأَبَتْ وَوَضَعَتْ رُكْبَتَهَا عَلَى فَخِذِهِ وَسَتَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ وَحَمَلَهَا وَرَاءَهُ وَجَعَلَ رِدَاءَهُ عَلَى ظَهْرِهَا وَوَجْهِهَا ثُمَّ شَدَّهُ مِنْ تَحْتِ رِجْلِهَا وَتَحَمَّلَ بِهَا وَجَعَلَهَا بِمَنْزِلَةِ نِسَائِهِ فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلٍ يُقَالُ لَهُ ثِبَارُ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ خَيْبَرَ مَالَ يُرِيدُ أَنْ يُعَرِّسَ بِهَا، فَأَبَتْ عَلَيْهِ فَوَجَدَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم فِي نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ عَلَى بَرِيدٍ مِنْ خَيْبَرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم لِأُمِّ سُلَيْمٍ: «§عَلَيْكُنَّ صَاحِبَتَكُنَّ فَامْشِطْنَهَا» وَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يُعَرِّسَ بِهَا هُنَاكَ، قَالَتْ: أُمُّ سُلَيْمٍ وَلَيْسَ مَعَنَا فُسْطَاطٌ وَلَا سُرَادِقَاتٌ، فَأَخَذَتْ كِسَائَيْنِ أَوْ عَبَاءَتَيْنِ فَسَتَرَتْ بَيْنَهُمَا إِلَى شَجَرَةٍ فَمَشَّطَتْهَا وَعَطَّرَتْهَا، قَالَتْ أُمُّ سِنَانٍ الْأَسْلَمِيَّةُ: وَكُنْتُ فِيمَنْ حَضَرُ عُرْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِصَفِيَّةَ مَشَّطْنَاهَا وَعَطَّرْنَاهَا وَكَانَتْ جَارِيَةً تَأْخُذُ الزِّينَةَ مِنْ أَوْضَإِ مَا يَكُونُ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا وَجَدْتُ رَائِحَةَ طِيبٍ كَانَ أَطْيَبَ مِنْ لَيْلَتِئِذٍ وَمَا شَعُرْنَا حَتَّى قِيلَ رَسُولُ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ وَقَدْ نَمَّصْنَاهَا وَنَحْنُ تَحْتَ دُومَةٍ وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَمْشِي إِلَيْهَا فَقَامَتْ

الصفحة 121