كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 8)

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْ أَهْلِهِ فَيَضَعُ يَدَهُ وَيُقَبِّلُ كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِهِنَّ فَإِنْ كَانَ يَوْمُهَا قَعَدَ عِنْدَهَا وَإِلَّا قَامَ فَكَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ يَحْتَبِسُ عِنْدَهَا، فَقُلْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ وَكَانَتَا جَمِيعًا يَدًا وَاحِدَةً: مَا نَرَى رَسُولَ اللَّهِ يَمْكُثُ عِنْدَهَا إِلَّا أَنَّهُ يَخْلُو مَعَهَا تَعْنِيَانِ الْجِمَاعَ، قَالَتْ: وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا حَتَّى بَعَثْنَا مَنْ يَطَّلِعُ لَنَا مَا يَحْبِسُهُ عِنْدَهَا فَإِذَا هُوَ إِذَا صَارَ إِلَيْهَا أَخْرَجَتْ لَهُ عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ فَتَحَتْ لَهُ فَمَهَا فَيَلْعَقُ مِنْهُ لَعْقًا وَكَانَ الْعَسَلُ يُعْجِبُهُ، فَقَالَتَا: مَا مِنْ شَيْءٍ نُكَرِّهُهُ إِلَيْهِ حَتَّى لَا يَلْبَثُ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتَا: لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهُ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُقَالَ لَهُ نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ شَيْءٍ فَإِذَا جَاءَكِ فَدَنَا مِنْكِ فَقُولِي أَنَّهُ أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: «§مِنْ عَسَلٍ أَصَبْتُهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ» فَقُولِي لَهُ أَرَى نَحْلَهُ جَرَسَ عُرْفُطًا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَدَنَا مِنْهَا، قَالَتْ: إِنِّي لَأَجِدُ مِنْكَ شَيْئًا مَا أَصَبْتَ؟ فَقَالَ: «عَسَلٌ مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ» فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى نَحْلَهُ جَرَسَ عُرْفُطًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَدَنَا مِنْهَا فَقَالَتْ مِثْلَ الَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ، فَلَمَّا قَالَتَاهُ جَمِيعًا اشْتَدَّ عَلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْعَسَلَ، فَقَالَ: «أَخِّرِيهِ عَنِّي لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ» ، فَقَالَتْ: فَكُنْتُ وَاللَّهِ أَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْنَا أَمْرًا عَظِيمًا مَنَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ شَيْئًا كَانَ يَشْتَهِيهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ -[171]- {§يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] ، قَالَتْ: كَانَتْ عِنْدِي عُكَّةٌ مِنْ عَسَلٍ أَبْيَضَ يَجْرُسُ نَحْلُهُ الضُّرْوَ فَكَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم يَلْعَقُ مِنْهَا وَكَانَ يُحِبُّهُ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ نَحْلُهَا تَجْرُسُ عُرْفُطًا فَحَرَّمَهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ "

الصفحة 170