كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 8)

ذَلِكَ التَّحْرِيمُ حَلَالًا , ثُمَّ قَالَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] , فَكَفَّرَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ يَمِينِهِ حِينَ آلَى , ثُمَّ قَالَ: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3] , يَعْنِي حَفْصَةَ , {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} [التحريم: 3] , حِينَ أَخْبَرَتْ عَائِشَةَ , {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ} [التحريم: 3] , يَعْنِي حَفْصَةَ لَمَّا أَخْبَرَهُ اللَّهُ {قَالَتْ} [التحريم: 3] , حَفْصَةُ , {مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] , يَعْنِي حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ , {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [التحريم: 4] , لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ , {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} [التحريم: 4] الْآيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْكُنَّ شَهْرًا» أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: انْطَلَقَتْ حَفْصَةُ إِلَى أَبِيهَا تُحَدِّثُ عِنْدَهُ وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى مَارِيَةَ فَظَلَّ مَعَهَا فِي بَيْتِ حَفْصَةَ وَضَاجَعَهَا , فَرَجَعَتْ حَفْصَةُ مِنْ عِنْدِ أَبِيهَا وَأَبْصَرَتْهُمَا فَغَارَتْ غَيْرَةً شَدِيدَةً , ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَخْرَجَ سُرِّيَّتَهُ فَدَخَلَتْ حَفْصَةُ فَقَالَتْ: قَدْ رَأَيْتُ مَا كَانَ عِنْدَكَ وَقَدْ وَاللَّهِ سُؤْتَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ: «§فَإِنِّي وَاللَّهِ لَأُرْضِيَنَّكِ إِنِّي مُسِرٌّ إِلَيْكِ سِرًّا فَأَخْفِيهِ لِي» ، فَقَالَتْ: مَا هُوَ؟ قَالَ: «أُشْهِدُكِ أَنَّ سُرِّيَّتِي عَلَيَّ حَرَامٌ» . يُرِيدُ بِذَلِكَ رِضَا حَفْصَةَ وَكَانَتْ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ قَدْ تَظَاهَرَتَا عَلَى نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَانْطَلَقَتْ حَفْصَةُ فَحَدَّثَتْ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَهَا: أَبْشِرِي فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى رَسُولِهِ وَلِيدَتَهُ فَلَمَّا أَخْبَرَتْ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ أَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} , إِلَى قَوْلِهِ {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: 5]
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي سُوَيْدٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: خَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِجَارِيَتِهِ مَارِيَةَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم وَهِيَ قَاعِدَةٌ عَلَى بَابِهِ , فَقَالَتْ -[188]-: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي؟ , فَقَالَ النَّبِيُّ: «§هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَمْسِكِي عَنِّي» ، قَالَتْ: لَا أَقْبَلُ دُونَ أَنْ تَحْلِفَ لِي، قَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَمَسُّهَا أَبَدًا» فَكَانَ الْقَاسِمُ يَرَى قَوْلَهُ حَرَامٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ.

الصفحة 187